د.ك4.5

العقل والحضارة باتريك فارو

داخل الفكر المتحدر من عصر الأنوار، ظل العقل والحضارة أمداً طويلاً، بوصفهما الوسيلة والغاية لما كنا لا نزال نسميه حتى الثلث الأخير من القرن العشرين، بمعنى أخلاقي إيجابي، تقدم البشرية أو المجتمع. ولكن بعد انقشاع الأوهام الذي سببه الاستعمار الأوروبي وبربريات القرن الأخير، ورغم الفترات القصيرة من التفاؤل المفرط، التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، أو بعد سقوط جدار برلين، فقدت هذه الأفكار جزءاً كبيراً من سحرها ومصدقيتها:فحالة العالم الراهنة، بتناقضاتها المتفاقمة على صعيد الثروات والآلام تبدو كافية، في الواقع، للتشكيك بأن الحضارة العقلانية كانت خيراً للبشرية. غير أن المعضلة تتمثل في أنه ليس ثمة بديل حقاً عن الحضارة العقلانية، لأن أولئك الذين يدينون العواقب الإنسانية لليبرالية الاقتصادية يدينونها باسم تصور معين للحضارة العقلانية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أولئك الذين يدافعون عن فتح الحدود والأسواق، كشرط من شروط العولمة الاقتصادية والديموقراطية. هذه المعاينة للواقع الراهن جعلت من الملح، بنحو خاص، الشروع بتفكير حول معنى الحضارة العقلانية، وعلى الأخص معناها الأخلاقي داخل شروط العالم الاجتماعي المعاصر، شروط عصر ليبرالي جديد يتميز بالمنافسات الاقتصادية والايديولوجية المتطرفة، ولكنه يتميز أيضاً، بإبداعية فنية وتقنية هائلة، وبانعتاق غير مألوف من التابوات التعسفية المفروضة من قبل المجتمعات الأقدم عهداً.

د.ك4.5

Add to cart
Buy Now

Free

Worldwide Shopping

100%

Guaranteed Satisfaction

30 Day

Guaranteed Money Back

Top Img back to top