د.ك2.5
رحلتي من الشك إلى الإيمان مصطفى محمود
كل شئ في عالم اليوم يحمل في باطنه ما يحملنا على الشك والإيمان في ذات الوقت!.. فهذا “العلم” وتقدمه الواسع الآفاق قد يغرى البعض بالنظر إلى الدين وكأنه بغيباته شئ من الخرافات العتيقة.. وقد ترى فيه البعض سببا أكيدا و مباشرا على قدرة الخالق الواحد عز وجل، تكون تطبيقا لقول الله عز وجل “إنما يخشى الله من عباده العلماء”.. وهنا نجد في الصورة الشك واليقين تولدا من ذات النقطة، ولكنهما بعد ذلك طريقان أبدا لن يلتقيا.. فهما نقيضان والهوة بينهما شاسعة فلا يصلح إجتماعها بحال من الأحوال. والرحلة بين طرفي النقيض تستلزم إرادة قوية وعقل منير وقلب سليم.. وقد تتطلب بعد ذلك قدرة كبيرة على الشرح والجدل والوصف لتبين ما حدث من إنقلاب وتوازن يعقبه، وهذا هو ما توافر لدى المفكر الطبيب “مصطفى محمود” الذي شاء له القدر أن يعبر هذا النفق المظلم ويصل إلى نهايته لدى النور بازعا فيذوق حلاوة الإيمان، ويحدثنا عنها في كتابه هذا بل في كافة كتبه.. ولكنه لا يقصها كبيرة ذاتيه وإنما يعرضها قضايا فلسفية مليئة بالمشكلات وحلولها. وهو في هذا الكتاب نجده يمسك بقضية “الله” عز وجل متتبعا لها من نقطة الإلحاد أو الكفر بالذات الألهية… وصولا إلى الايمان بها والتعلق قلبا وقالبا بكل ما يمت لذلك بصلة، فهو يعرضها كمؤمن طوع الفلسفة لإيمانه أو فيلسوف عرف الإيمان قلبه.
لقد رفضت عبادة الله لأني استغرقت في عبادة نفسي وأعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي وبداية الصحوة من مهد الطفولة.
كانت هذه الحالة النفسية وراء المشهد الجدلي الذي يتكرر كل يوم.. وغابت عني أيضاً أصول المنطق وأنا أعالج المنطق ولم أدرك أني أتناقض مع نفسي إذ اعترف بالخالق ثم أقول ومن خلق الخالق فأجعل منه مخلوقاً في الوقت الذي أسميه فيه خالقاً وهي السفسطة بعينها.
ثم إن القول بسبب أول للوجود يقتضي أن يكون هذا السبب واجب الوجود في ذاته وليس معتمداً ولا محتاجاص لغيره لكي يوجد. أما أن يكون السبب في حاجة إلى سبب فإن هذا يجعله واحدة من حلقات السببية ولا يجعل منه سبباً أول.
هذه هي أبعاد القضية الفلسفية التي انتهت بأرسطو إلى القول بالسبب الأول والمحرك الأول للوجود.