د.ك7.5
فقراء العالم _ ويليام ت. فولمان
هل سأل أحدكم يوماً نفسه ما سبب انتشار الفقر في العالم؟ ربما يكون راوده هذا السؤال كلمح البصر، ثم غاب عنه متابعاً حياته واهتماماته، ولكن، متى يصبح السؤال ملحاً، عندما يقع أحدنا في الفقر. هذا السؤال أرق فولتير أميركا “ويليام ت. فولمان” فذهب باحثاً عن جواب وهو يجول في مناطق عديدة في العالم ليعيش التجربة عن قرب مختبراً شعور الفقراء، متحدثاً إليهم في عمل أشبه ما يكون بالتحقيق الميداني مع محاولة للكشف عما إذا كان هناك أسباب غير الحرمان من المادة تقف وراء مآسي ملايين الفقراء. يقول فولمان عن كتابه (فقراء العالم) “… إن هذا العمل لم يوضع لأجل الفقراء، ولا لأجل أي شخص آخر بعينه. فكل ما أجرؤ على فعله هو ملاحظة بعض نقاط التشابه والاختلاف التي أعتقد أنها تتعلق بتجربة كون المرء فقيراً. وقد بدأت مسيرتي بأن طرحت على عدد من إخواني في البشرية السؤال التالي: لم أنت فقير؟ فتأتيني إجابات – على الرغم من تنوعها تبعاً للمناطق الجغرافية – لا تعني تفاصيلها الخاصة شيئاً. ويمكن للناس أن يكونوا فقراء في كل مضمار، وكل سياق، حتى في المعنى نفسه. ولا بد من أن يكون هذا هو السبب في أن أحد الكتّاب الرائعين، والذي كان يعرف الفقر بحق، قد كتب: “إن الأشخاص الفقراء لا يسألون مطلقاً عن أسباب تشرح لهم ما عليهم تحمله في حياتهم. إنهم يكرهون بعضهم بعضاً، ويستمدون القناعة من ذلك”. (…) وأبطال هذا الكتاب – مع بعض الاستثناءات – ليسوا يائسين. إنهم إما سعداء وإما حزينون. فهم يمرون بأيام جيدة. أما أعمالهم اليائسة، فمن الرحمة نوعاً ما أن ما يوهن أثرها كونها تحدث بصورة يومية. وعلى سبيل المثال، كانت المتسولة أوكسانا تتظاهر بالمرح على الرغم من أنها في كل مرة كانت تناقش فيها معي أحوال عائلتها توجب عليها أن تسلّم بكل ما تنطوي عليه من مرارة؛ فتأخذ بالنشيج. ولقد حاولت البحث عن الأشخاص الفقراء الذين حملت ظروفهم سمة الاعتيادية إلى حدٍّ ما، أو اندرجت تحت نمط بعينه على الأقل، كي يغدو من الممكن استخلاص نتيجة قابلة للتعميم. (…) جانبان قد يعززان حقيقة هذا العرض الذي أنا مقدم عليه؛ إذ ما الذي يجب علي إثباته؟ أنى لي أن أكون من الحمق إلى حدّ أرجو معه أن أحدث فرقاً؟ وعليه، فكل ما بقي لي لا يتجاوز المحاولة بشرف كي أظهر ماهية الأمور، وأجري المقارنات بكل ما أوتيت من قدرات (…)”. هذا الكتاب، شهادات حية، لفقراء العالم الواسع، يبحث عن أجوبة في غير مكانها الصحيح، فالجواب يا سيدي ليس عند الفقراء، بل عند من يملك مصيرهم… والصراع يستمر.