د.ك5.5
التآمر على أميركا فيليب روث
تك
إنَّ الخوف يُهيمن على هذه الذكريات، خوف دائم. طبعاً لا تخلو طفولةٌ من فترات رعب، لكنني أتساءل إنْ كنتُ سأصبح أقلّ خوفاً لو أنَّ ليندبرغ لم يكن رئيساً أو لم أكن أنا يهودياً. عندما وقعَت الصدمة الأولى في حزيران من عام 1940 – ترشيح تشارلز أ. ليندبرغ، بطل الطيران الأميركي، من قِبَل المؤتمر الجمهوري الذي عُقِدَ في فيلادلفيا، لرئاسة الجمهورية – كان والدي في التاسعة والثلاثين، يعمل ممثّلاً لشركة تأمين وحاصلاً على الشهادة الابتدائية، ويكسب أقلّ من خمسين دولاراً بقليل في الأسبوع، وهو مبلغ كافٍ لتسديد الفواتير الأساسية في موعدها ويزيد قليلاً. وأمي – التي كانت تود أنْ تلتحق بمعهد المعلمين ولكنها لم تتمكن من ذلك بسبب التكاليف، ولزمت المنزل وعملتْ سكرتيرة مكتب بعد إنهاء المرحلة الثانوية، وأبعَدَت عنا الشعور بأنَّنا فقراء خلال أشد مراحل فترة الكساد الاقتصادي سوءاً بوضع ميزانية لِما كان والدي يكسبه ويُحضره إليها في كل يوم جمعة بكفاءة عالية لا تقل عن كفاءتها كمدبّرة منزل – كانت في السادسة والثلاثين. أخي، ساندي، في الصف السابع وصاحب موهبة خارقة في الرسم، كان في الثانية عشرة، وأنا، في الصف الثالث ومتقدم بمقدار فصل – وجامع طوابع مُبتدئ ألهَمَه كما كان حال ملايين الأطفال رائدُ جمع الطوابع في البلد كله الرئيس روزفلت – كنتُ في السابعة. كنا نعيش في شقّة في الطابق الثاني من مبنى عائلي صغير مؤلَّف من طابقَين ونصف الطابق في شارع تصطفُّ على طوله الأشجار ومؤلَّف من منازل خشبيّةِ الواجهات وأسطح مائلة من القرميد، وتعلو سطح كلٍ منها قُبّة وأمامه فناء صغير جداً مُحاط بسياج من الشجيرات المنخفضة. كان القِطاع اليهودي قد بُنيَ على أرض مزرعة عند الطرف الجنوبي الغربي غير المتطور من نيوارك بُعيد انتهاء الحرب العالمية الأولى، سُميَ عددٌ من الشوارع، بفخامة، بأسماء قادة ظافرين في سلاح البحرية في الحرب الأسبانية-الأميركية وسُميَتْ دار السينما المحلية، على اسم نسيب بعيد لفرانكلين ديلانو روزفلت – ورئيس البلاد السادس والعشرين – سينما روزفلت. وشارعنا، جادّة سميتْ، الذي يتبوّأ قمة تل مُجاور، مُرتَفَع لا يختلف في علوّه عن أي تل في مدينة مرفأ نادراً ما يزيد ارتفاعه على مئة قدم عن سطح المستنقع المالح الناتج عن حركة المدّ والجزر في الجانب الشمالي الشرقي من المدينة والخليج العميق الذي يقع إلى الشرق من المطار الذي ينعطف حول حاويات النفط في شبه جزيرة بايون ويمتزج هناك مع خليج نيويورك ليتدفَّق ماراً بتمثال الحرية، ثم يغوص في الأطلسي.