د.ك6.0

النجف الاشرف

(النجف) مفرد جمعه نجاف وهو التل والمكان الذي لا يعلوه الماء مستطيل في بطن الوادي، وهي أرض مستديرة مشرفة على ما حولها تشبه الحسناة تصد الماء عن جاورها، ويحفها الماء من جوانبها وينجفها (أي يحيطها) أيام السيول ولكن لا يعلوها. وتطلق على النجف أيضاً )المشهد) وهو مجموع الخلق ومحفلهم.. إذ إن المواقد المقدسة تزدحم بالزوار، وتطلق على النجف تسميات أخرى كثيرة مثل: وادي السلام، الطور، الربوة، اللسان، بانقيا، الذكرات البيض. فهذه كلها أسماء لبقعة واحدة. تقع النجف في أقصى الطرق الجنوبي الغربي للقسم الشمالي من السهل الرسوبي العراقي، على طرف الصحراء إلى الغرب من الكوفة، جنوبي غربي بغداد، وتشرف حانتها الغربية على منخفض بحر النجف. ومن المعروف أن مدينة النجف ترتبط جغرافياً وتاريخياً بالحيرة والكوفة. والوجود العربي القبلي كان متمركزاً حول منطقة النجف في العصر الذي سبق الإسلام، وإن هجرة القبائل إليها ازدادت بتجمع من عرب المناذرة والحيرة، وغدا ظهر النجف ساحة بمضارب العربي وخصوصاً القبائل العدنانية؛ إذ يتوافر الماء والكلأ لقطعان الماشية والإبل، وكما كان يقصدها الأمراء والملوك لغرض الصيد والتمتع بهوائها النقي، وقد تناثرت بالقرب منها الأديرة والقصور مثل قصر «الخورنق» و«السدير». وبعد ظهور الإسلام أصبحت ضمن الأراضي التي حررها العرب المسلمون، وحين قدم الخليفة الراشد الإمام علي (رضي الله عنه) إلى الكوفة أصبحت مركزاً للخلافة ومقراً لها، حتى استشهاده ليلة 19 رمضان/ سنة (40هـ)، ودفن في النجف بوصية منه لولديه الحسن والحسين (رضي الله عنهما)، وكان قبر الإمام علي يُزار حتى سنة (171هـ/787م) أول بناء على القبر الشريف، وبُني فوق الضريح قبة بيضاء. ومنذ ذلك التاريخ أخذ الزوار يتوافدون على القبر وينشؤون الدور حوله ويدفنون موتاهم إلى جواره. وقد ازدهرت النجف في العهد البويهي وأصبحت مركزاً للدراسات الدينية. ثم تركزت هذه الدراسات عندما هاجر إليها الشيخ أبو جعفر الطوسي سنة (461هـ/1065م) لتغدو من ثَمَّ هذه المدينة (النجف) مركزاً متقدماً للدراسة والبحث. ثم زادت مكانتها العلمية وازدهرت الحركة فيها. إلّا أن تطور النجف من حيث العمران وازدحام السكان وإنشاء دور العلم كان في نهاية القرن السابع ومطلع القرن الثامن الهجري؛ أي في عصر السلطة الأليخانية والجلائرية في العراق؛ إذ بُذلت الجهود الكبيرة في مجال العمران وبناء المدارس، وإقامة التكايا، كما تم شق مجاري للأنهار فيها، مما أدى التوسعة في الرزق، والهناءة في المعيشة على من حلّ بها، وإلى ذلك، يمكن القول بأن العامل الديني كان في مقدمة العوامل التي ساعدت على نموّ النجف وازدهارها وتطورها، فقد كان لمرقد الإمام علي (رضي الله عنه) الأثر الفعال في ذلك؛ إذ سعى الناس من مختلف مناطق العالم لزيارة ومجاورة الإمام أو السكن في المدينة. بالإضافة إلى ذلك، ولظهور نظام الاجتهاد الديني أثره الكبير في ازدياد مكانة المدينة الدينية ونموها وزيادة عدد سكانها، فضلاً عن المدرسة النجفية وتطورها. وبمرور الزمن أصبحت النجف التي حلّت محل لكوفة من أمهات المدن العراقية؛ ذلك لطابعها الديني والثقافي المنير إذ شكل ذلك عاملاً مساعداً على نشوء النجف ونموها. ومن ناحية ثانية، وبعد اندثار الكوفة القديمة كان للنجف دورها في نشوء الكوفة الحديثة التي شكلت ممراً برياً وبحرياً للنجف. ولمدينة النجف (4) محلات رئيسية: محلة المشراق من جهة الشمال، والعمارة من جهة الغرب والحويش من الجنوب، والبراق من جهة الشرق. سكنت النجف أرهاط عربية الأصل والسير، ومجموع الأرهاط التي سكنت المدينة حوالي (471) من الأرهاط العربية منها (175) رهطاً سكنت محلة العمارة، واليوم لم يبقَ من هذه المحلة أثر على الأرض ما عدا مقام زين العابدين ومرقد (صافي صفا)، ومنها (119) رهطاً سكنت محلة البراق و(75) رهطاً سكنت محلة المشراق، و(81) رهطاً سكنت محلة الحويش. وهذه الأرهاط هي التي احتضنها سور النجف الأخير. من هنا، فإن لدراسة تاريخ النجف أهمية خاصة، وقد تخلف الكثير على التأليف في تاريخ هذه المدينة، حيث اهتم العديد من الكتّاب والرحّالة بتراث هذه المدينة الدينية المقدسة وكتبوا عنها الكثير من الكتب والملاحظات والانطباعات، إلّا أن المؤلف اختار الكتابة عن هذه المدينة، في الحقبة الممتدة من سنة (1247-1336هـ/1831-1917م) وهي فترة العهد العثماني، لما لهذه الفترة من أهمية خاصة نبعت من كونها شهدت تغيرات واضحة في جوانب مختلفة في الحياة العامة، حيث تناول المؤلف فترة العهد العثماني الأخير والاحتلال البريطاني والانتفاضات الشعبية، مركزاً من ثم على أهم الأسر العلمية النجفية ومجالسهم.

د.ك6.0

Add to cart
Buy Now

Free

Worldwide Shopping

100%

Guaranteed Satisfaction

30 Day

Guaranteed Money Back

Top Img back to top