د.ك4.5
رسائل من السجن ماركيز دوساد
نكتشف دو ساد الفيلسوف الذي يبرهن على التفاوت بين طبائع الناس مما يجعل النسبية هي الأساس في التعامل معهم، والغيور على زوجته والتي يطلب منها عندما تأتي لزيارته أن ترتدي لباسا محتشما ولا تأتي مع أحد رجال الشرطة، والذي يحاجج خصومه ويفند الجرائم التي ألصقت به دون إنكار كلي ولكن بالمطالبة بوضع هذه الجرائم في وضعها الحقيقي ومعاقبة الآخرين الذين كانوا طرفا في ذلك، وهو أيضا الباعث للثورة ضد فساد النظام الملكي. إنها مجموعة من الرسائل الثرية على مستويات عدة في فكر وحياة ونفسية دو ساد.
يتساءل منصور في مقدمته “كانت طبقة دو ساد غارقة في الملذات وممارسة الجنس، فلماذا عوقب دو ساد على هذا النحو القاسي؟”، ويقول “ربما لأنه لم يكن طفلا عاديا سواء على مستوى الذكاء أو التمرد أو الحرية والتدليل اللذين نعم بهما صغيرا فتأصلا في شخصيته، وربما لأنه أراد أن يذهب في الممارسة الجنسية لأبعد من مجرد اللذة أو المتعة الروتينية لاكتشاف أنواع مختلفة من المتعة واللذة نتيجة مثيرات مختلفة وكذلك إيضاح أن الميول والنوازع الإنسانية هي نتاج الطبيعة ولا دخل للإنسان فيها. ماذا لو التفتت أمه وتأملت تعاركه وهو صغير مع الأمير الذي أرادت أن تقربه منه في القصر؟ أكانت ستعدل من سلوكه وتخفف من حدته مما كان سيجنبه كل هذا الاحتجاز وهذه العذابات؟ ماذا لو كان قد تزوج الأخت الصغرى لزوجته التي مالت له ومال لها وأعلن ذلك لحماته لكنها رفضت تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى بل وأسرتها في نفسها لتبدأ رحلة عذابه”.
ويضيف “ثمة سؤال يطرح نفسه بقوة وهو إذا كان الحصول على اللذة بممارسة العنف أطلق عليه السادية، أليست كل هذه السنوات وهذه المعاناة بمثابة سادية؟ هل كانوا يشعرون بالمتعة لسجنه ومضايقته من حماته وكل من تعاون معها في هذا الفعل القاسي؟ ويقول في إحدى الرسائل “‘لقد تخيلت كل شيء يمكن أن تتخيليه في هذا النوع، لكنني بالتأكيد لم أفعل كل شيء تخيلتِه ولن أفعله بالتأكيد أبدا‘. ربما كان خياله الجامح والمتمرد ورغبته في التجريب ومحاولة سبر أغوار النفس الإنسانية السبب في ما أطلق عليه فرويد السادية وهذا الخيال هو ما جعله يقع تحت نير سادية الواقع؟”.
ويواصل منصور تساؤلاته “لماذا أنقذ دو ساد عائلة زوجته من المقصلة ولم ينتقم على الأقل من حماته التي أذاقته مر العذاب؟”، مشيرا إلى قول دو ساد “أنا فاسق، لكنني لست مجرما ولا قاتلا، وبما أنني مجبَر على وضع اعتذاري جنبا إلى جنب الدفاع عن نفسي، فسأقول إنه ربما يكون من المحتمل أن أولئك الذين يدينونني ظلما هم مثلي، لم يكونوا قادرين على موازنة عيوبهم بالأعمال الصالحة الجديرة بالثقة كتلك التي يمكنني أن أقابلها بأخطائي”.