مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوعها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
الذات والمرآة فى تأويل النص الشعرى
التصنيف : شعر
دار النشر : رؤية
سليمة مسعودة
إن انفتاح الشعر على الأسئلة الفلسفية الكبرى والآفاق المعرفية الشاسعة جعله في عودة دائمة إلى ذاته ليفكر فيها، عبر حركية التأمل والمحاورة وفتح الاستشكالات العميقة، لذا كانت التجارب الوجودية الكبرى تجسيدا رؤيويا وشعريا لارتحالات الذات عبر سؤال الحقيقة والمعرفة . وإذا كانت المعرفة تفكيرا يخضع للعقل والحواس والحدس، فإن المعرفة الشعرية أرقى انواع المعرفة تذوتا - لا بمعنى الأنوية المنغلقة، بل بمعنى الدوران حول الذات - لأنها تنطلق من الذات باعتبارها فاعلا أساسيا في اكتشاف المعارف وتشكيلها، حيث الذات نفسها مجال لأسئلة وتصورات ومفاهيم لا حدود لها، تتجاوز الواقعي في أبعاده النفسية وعلاقاته الاجتماعية، لتقارب عالم الروح والميتافيزيقا باعتبارها مجالا واسعا للتساؤل والبحث، ومن ثم للمعرفة، لتتحول هذه الأخيرة إلى كيان مطلق غير محدود ولا منغلق ولانهائي، وهو ما يجعل عالم الشعر عالما ممتدا مترامي الأطراف، مشرعا على امتداد الرؤى والتأويلات، ويسعى للإفصاح عن الذات وكيمياء مكوناتها وأشكال تشظيها، عبر مختلف تفاعلاتها، ورهافة إحساسها بالأشياء والموجودات والآخرية الغيرية والواقع، ورؤيتها للعالم واختبارها للحياة .
إن الذات هي السؤال الملحاح المؤرق الذي يسكن الفلسفة، والروح التي تسكن الشعر. وما ذات الشاعر إلا تلك الهوية الشعرية التي تتجسد عبر نصوص الشعر، مسفرة ومضمرة لتفاعلات وعلاقات وكينونات قائمة بذاتها، إنها فلسفة الكينونة الشعرية التي تبدي مقدرة غير عادية في تجسيد المجرد وتقريب البعيد، ومظهرة الخفي، و طاقة مميزة في الكشف والخلق والأنسنة . لذلك فإن كتابة الذات وانكتابها شعرا هي تلك الاسئلة المواربة التي ارتهن الشعر نفسه للإجابة عنها، عبر ملاحقة ما يستعصى القبض عليه من تجليات روحية وعلاقات وجودية ومواقف أنطولوجية وأخرى