مشجرات أنساب القبائل والعوائل العربية مع ملاحظات تاريخية وجغرافية 2/1

مشجرات أنساب القبائل والعوائل العربية مع ملاحظات تاريخية وجغرافية 2/1

التصنيف : تاريخ

دار النشر : دار الوراق

فرديناند فوستنفلد

تشكل سجلات الأنساب إحدى أهم الظواهر المتميزة في تاريخ العرب وآدابهم ، فما من شعب على وجه الأرض لديه شيء مماثل ، وما من شعب يعلق مثل هذه الأهمية على الأصل النبيل وعلى معرفة سلسلة الأجداد دون أي انقطاع ، وما من شعب يتحدث قبل هذا القدر من النسب وعلاقات القربى ، ولا يوجد تقريباً أي كتاب عربي إلا ويشار فيه بشكل أو بآخر في كل صفحة إلى هذه المسألة . لذلك كانت دراسة الأنساب ، وإلى جانب الشعر وعلم الفلك ، من أول النشاطات العلمية للعرب ، وقد انتقلوا من دراسة النسب إلى التاريخ بأن ذكروا إلى جانب أسماء الشخصيات المشهورة أفعالها ايضاً . هذا وإن من بين الأعمال المكتوبة أيضاً تحتل مؤلفات الأنساب مكانة مبكرة عند العرب ، وإن مراجعهم غنية جداً بها ، وهناك العديد من الكتب التاريخية الكبيرة التي تحتوي على فصول خاصة عن الأنساب ، ومع ذلك ليس هناك أي مرجع يحتوي على كل شيء ، بل إن المراجع يكمل بعضها بعضاً بأن يتوسع هذا الكتاب مرة وذاك الكتاب مرة أخرى بتفرعات القبائل الرئيسة . هذا وإن جميع ما بنت عليه العرب أركانها ، لواضع هذه المشجرات ، العالم الألماني فرديناند فوستنفلد ، والذي وضع عليه اساسها في النسب ، عدّها عشر طبقات . أولهن : جزم النسب إما عدنان وإما إلى قحطان ، فهما جميعاً تنسب العرب إليها . والجزم هو القطع ، وذلك لما كثر الإختلاف في الاباء وأسمائهم فما فوق ذلك على العرب قطع ذكرهم ، واقتصروا على دونها لاحتمالهم على صحته . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما انتسب إلى عدنان كذل النسّابون فيها فوق ذلك لتطاول العهد . والطبقة الثانية الجمهور ، التجمهر الإجتماع ، ومنه قولهم جماهير العرب أي جماعتهم ، ومنه ترجمة مجموع لغة العرب الجمهرة وجمهرة الأنساب أي مجموعها . والطبقة الثالثة الشعوب ؛ وأحدها شعب هو الذي يجمع القبائل ويشملها وهو الذي يشبّه بالرأس من الجسد . والطبقة الرابعة القبيلة ، وهي التي دون الشعب ، وهي التي تجمع العمائر ؛ وإنما سميت قبيلة لتقابل بعضها بعضاً واستوائها في العدد ؛ وهي بمنزلة الصدر من الجسد . والطبقة الثامنة العشائر وأحدها عشيرة ، وعشيرة القوم الذين يتعاقلون إلى أربعة آباء وسميت بذلك لمعاشرة الرجل إياهم قال تعالى [ ولهم عليّ ذنب فأخاف أن يقتلون ] فدعا على قريش إلى أن اقتصر على عبد مناف ، فمن هنا جرت السنة بالمعاقلة إلى أربعة آباء ، وهم بمنزلة الساقين من الجسد التي يعتمد عليها دون الأفخاذ . والطبقة التاسعة الفصال وأحدها فصيلة ، وهم أهل بيت الرجل وخاصته ، وهي بمزلة القدم وهي مفصل يشتمل على عدة مفاصل . والطبقة العاشرة ( والأخيرة ) هم الرهط ، وهم رهط الرجل وأسرته ، وهم بمنزلة أصابع القدم ، والرهط دون العشرة ، والأسرة أكثر من ذلك . هذا من جهة ، ومن جهة فهرسة هذه الأنساب ، فقد تم ترتيبها ترتيباً أبجدياً ، مضافاً إليه إسم الأب لتمييز الأشخاص الذين يحملون الإسم نفسه ؛ هذا وقد احتوى الفهرس على أكثر من 6000 إسم ، وتحتوي المشجرات على ما يقرب من 8000 إسم أما الأسماء التي تم إهمالها في الفهرس فهي تلك التي الأسماء التي تتكرر كثيراً في السلاسل الطويلة ، دون أن يكون معروفاً أي شيء آخر من الأشخاص المعنيين . هذا وتجدر الإشارة إلى صفحة خاصة عن عمل المؤلف مو ستنفلد ، وهو عمل متميز ، إذ تضمنت هذه الصفحة تاريخ هجرات القبائل العربية وأماكن انتشارها الجغرافية . ومن ناحية أخرى ، فإن دراساته تعتبر في حقلي التاريخ والجغرفيا من الدراسات المهمة والجليلة ، وقد أقبل على نشر النصوص الأصلية عن التاريخ والجغرافيا عن العرب خاصة والمسلمين عامة ، فيصبح القول عنه أنه حقق مكتبة شاملة لأصول الدراسات التاريخية والجغرافية والعقائدية في نشأة الإسلام وتطوره ، وكان على انتباه دائم لكل ما ينشر في اختصاصه ، لا في أوروبا ، بل في بلدان الشرق وباللغة العربية على وجه الخصوص . هذا ويعدّ كتابه هذا مرجعاً عظيماً وعملاً ضخماً ودقيقاً بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى . أما المصادر التي اعتمدها فوستنفلد في كتابه ، فقد ذكرها في المقدمة ، وقد قسمها إلى ثلاثة أقسام : الأول : المؤلفات النظرية التي تعرض فقط للأنساب ، وذكر بعض منها مثل ابن قتيبة ، دون تحديد أي كتاب ، وقد وجد أنه اعتمد على كتاب عيون الأخبار والمعارف . ثانياً : المؤلفات العملية : أي كتب السير والتاريخ وتشمل هذه الفئة إبن قتيبة مرة ثانية دون تحديد الكتاب المعتمد ، ويذكر النووي أيضاً دون تحديد الكتاب ، علماً أن لدى النووي العشرات من الكتب . ثالثاً : المؤلفات النظرية العملية : وهي الكتب التي يعالج فيها نسب القبائل وعائلات معينة عن طريق أشخاص معينين ، ذاكراً لب اللباب دون ذكر المؤلف وكذلك طبقات الحفاظ دون ذكر إسم مؤلف معين .