تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ط الهيئة المصرية

تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ط الهيئة المصرية

التصنيف : تاريخ - تراث

دار النشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب

أبو بكر بن المرزبان

يبدو عنوان الكتاب صادما، ففي زمن تندر فيه الأخلاق، قد تكون الكلاب أفضل من بعض البشر مم يرتدون فاخر الثياب، متظاهرا منافقا ينفث مكرا وحقدا وغدرا ، فالكلب تراه صواما يصبر على الجوع، قواما يفوق في قيامه أهل التهجد.

لقد أراد الإمام ابن المرزبان بكتابه هذا أن يكون تسلية لمن ضاق ذرعا من غدر البشر،  فأفصح في مقدمة الكتاب عن سبب تأليفه فقال:"ذكرت - أعزك الله - زماننا هذا، وفساد مودة أهله، وخسة أخلاقهم، ولؤم طباعهم، وأن أبعد الناس سفرًا من كان في سفر طلب أخ صالح، ومَن حاول صاحبا يأمن زلته ويدوم اغتباطه كان كصاحب الطريق الحيران الذي لا يزداد لنفسه إتعابا إلا ازداد من غايته بعدا، فالأمر كما وصفت".

ومن طريف ما أوده الأمام ابن المرزبان عن الحسن البصري، قوله:" في الكلب عشر خصال محمودة، ينبغي أن تكون في كل مؤمن، الأولى: أنه لا يزال جائعا، وذلك من آداب الصالحين، الثانية:أنه لا يكون له موضع يعرف به، وذلك من علامات المتوكلين،

الثالثة: أنه لا ينام من الليل إلا قليل، وذلك من صفات المحسنين، الرابعة: أنه إذا مات لا يكون له ميراث، وذلك من أخلاق الزاهدين، الخامسة: أنه لا يهجر أخاه وإن جفاه وطرده، وذلك من شيم المُريدين، السادسة: أنه يرضى من الدنيا بأدنى يسير، وذلك من إشارات المتواضعين، السابعة:أنه إذا غُلب عن مكانه تركه وانصرف إلى غيره، وذلك من علامات الراضي، الثامنة:أنه إذا طُرد ثم دعي أجاب، وذلك من أخلاق الخاشعين، التاسعة: أنه إذا حضر شيء من الأكل وقف ينظر من بُعد، وذلك من أخلاق المساكين، العاشرة: أنه إذا رحل من مكانه لا يرحل بشيء، وذلك من علامات المُجردين. "

ويندرج الكتاب تحت باب الأخلاق، وفيه توبيخ لمن ساء خُلقه بمقارنته بخُلق الكلاب، بل وتفضيلها عليه.

والكتاب لأهميته وطرافة موضوعة قد عُني الكثيرون بنشره، ما بين عرب ومستشرقين؛ بدءًا بالأب أنستاس ماري الكرملي ، اللبناني المولد، الإيطالي الأصل، سنة 1912م.

وقد صدرت للكتاب طبعات عدة، لكن هذه الطبعات كان معظمها يحتاج إلى ضبط النص؛ لما حوته من تصحيفات وتحريفات، حيث اعتمد بعضها على مخطوط واحد لم يُصرح في أغلب الطبعات ببياناتها، وقد أخل الكثير منها بمنهجيات التحقيق.

 ويضم الكتاب ما قيل في الكلب  من آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وأقوال الشعراء والحكماء والرواة، ويتناول الكتاب وصف هؤلاء البشر من قليلي الوفاء، مقدرًا قيمة الوفاء باعتبارها أخص شيم الكلاب، الذي يُرافق صاحبه متى ذهب.

أما الإمام أبو بكر محمد بن خلف المرزبان، فهو أحد شيوخ الحديث، ومن أكابر الإخباريين في نهايات القرن الثالث الهجري، وكان أحد أساتذة شيخ المفسرين والمؤرخين ابن جرير الطبري.

له عده مؤلفات منها كتاب الحاوي في علوم القرآن، وكتاب في الحماسة، وكتاب المتيمين، وكتاب أخبار الشعراء، وقال الذهبي:"كان صدوقا"، فيما أشارياقوت الحموي إلى ملكته في الترجمة عن الفارسية فقال:"كان أحد التراجمة، ينقل الكتب الفارسية إلى العربية، له أكثر من خمسين منقولا من كتب الفرس".

وتصدر سلسلة التراث الحضاري عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة تحرير الكاتبة سلوى بكر،  فيما يشغل الدكتور أسامة السعدوني جميل مدير تحريرها، وتهتم بنشر عيون التراث الحضاري على مدى الأزمان.