نسخة تمهيدية للموقع ..... ونعتذر عن اي خطا بالموقع ....مرحبا بكم في موقع مكتبة الكويت ( المكتبة هي معبد المعرفة ومنارة الفكر بين رفوفها تتقاطع الافكار وتتلاقي العصور ) الحجز والاقتراحات واتساب 50300046 الشحن الي جميع المناطق ...
يوسف شاهين حياة للسينما
القسم : فن وفنانين
دار النشر : رياض الريس
وليد شميط
في أواخر صيف العام الجاري، احتفل لبنان بالسينمائي المصري يوسف شاهين. افتتح فيلمه الجديد، <<سكوت ح نصوّر>>، في صالة سينما <<سارولا>> في الحمراء، بحضوره والمغنية التونسية لطيفة، بطلة الفيلم، والمنتج غابي خوري. عقد مؤتمرا صحافيا حضره حشد من الصحافيين والإعلاميين. أطلقت بلدية زحلة اسمه على أحد شوارعها، وأقامت حفلة غداء على شرفه. منحه وزير الثقافة، باسم رئيس الجمهورية، وساما. دمعت عينا شاهين. شعر بسعادة تكاد تشبه ما انتابه في إيطاليا، قبل أقلّ من شهر واحد، حين كرّمته إدارة <<مهرجان البندقية السينمائي الدولي>>، في الدورة الثامنة والخمسين (92 آب 9 أيلول 1002).
لم يمرّ وقت طويل على ذلك كلّه، حتى صدر كتاب الزميل وليد شميط. لم يجد شميط عنوانا أفضل من <<يوسف شاهين، حياة للسينما>>. اختصر نصف قرن من السيرة المهنية لصاحب <<باب الحديد>> و<<الاختيار>> و<<الأرض>> و<<عودة الابن الضال>> وغيرها من روائع السينما العربية. فالسينما، بالنسبة إلى شاهين، حياة متكاملة. في السادس والعشرين من كانون الثاني الفائت، بلغ السينمائي الخامسة والسبعين من عمره. مع <<سكوت ح نصوّر>>، حقّق شاهين فيلمه الروائي الطويل الثالث والثلاثين. له، أيضا، أربعة أشرطة قصيرة، وعمل مسرحي واحد، أنجزه لحساب <<الكوميديا الفرنسية>> (<<كاليغولا>> لألبير كامو). مع <<سكوت ح نصوّر>>، أيضا، بدأ شاهين عامه الأول بعد نصف قرن أمضاه في تحقيق أفلام تفاوتت مستوياتها الفنية والدرامية والجمالية. إنها حياة السينما. إنها حياة للسينما. إنها <<الحياة السينما>>. ولهاتين الكلمتين، مرادفين آخرين: يوسف شاهين.
الحياة والسينما في فصلين
أعتقد أن <<حياة للسينما>> وسيلة لفهم العالم السينمائي الذي صنعه يوسف شاهين. الأفلام التي أنجزها، وضع فيها شيئا من ذاته، إن لم تكن انعكاسا حقيقيا لسيرته وتجاربه. في أفلامه، بعض حياته. ومن حياته المديدة، والتحوّلات التي عاصرها، ابتكر أفلاما قالت شيئا منه. كتب الزميل شميط اختصارا لهاتين الحياة والسينما. سرد محطات، وعالج مواضيع، وتناول أفكارا، وحلّل معطيات. أراد أن يقدّم خلاصة ما للتجربة الشاهينية. فيها اختلاط <<عجيب>> بين الواقع والمتخيّل. فشاهين نفسه صنع من الواقع متخيّلا سينمائيا، ليقول شيئا من هذا الواقع. فيها لقاء جميل بين السياسي والإنساني والاجتماعي، في قالب بصري مرتبك كارتباك صاحبه، وقلق كالقلق الذي تدفّق، ولا يزال، في شرايين الرجل الذي صارع القدر والمرض، وعرف كيف يعاين المتغيّرات، وينبش من أسئلتها أجوبة، أو ما يشبه الأجوبة. الرجل الذي لا يزال يتمرّد ويكشف ويروي تاريخا عربيا متقلّبا وحادا. الرجل الذي لا يرضخ للتسلّط والهيمنة، ويرفض الجهل والتخلّف والعصبية البغيضة، وينزعج من عنف الأصولية وأصولية العنف.
لم يكن كتاب شميط المؤلَّف الأول، باللغة العربية، عن يوسف شاهين وسينماه. في العام 2991، مثلا، أصدر الناقد المصري سمير فريد <<أضواء على سينما يوسف شاهين>>. فريد نفسه تولّى إصدار <<محاورات سمير نصري مع يوسف شاهين>>، في العام 7991. غير أن عددا لا بأس به من الكتب والمؤلّفات العربية والأجنبية (الفرنسية والإنكليزية، تحديدا)، تضمّنت فقرات أو فصولا مستقلّة عن مخرج <<العصفور>>. لا أعرف كتبا أخرى عنه. الزميل إبراهيم العريس يعمل على وضع كتاب مستقلّ، بعد مواكبة نقدية بدأت منذ نحو ثلاثين عاما.
في هذا الإطار، بدا <<حياة للسينما>> محاولة متواضعة لتقديم صورة عامة عن يوسف شاهين الإنسان والسينمائي. لم يثرثر وليد شميط، بل اكتفى بفصلين، أراد أولهما مدخلا نقديا للعالم السينمائي الخاص بيوسف شاهين، وجعل الثاني <<منبرا>> لشاهين، يقول فيه ما يريد، ويردّ من خلاله على تساؤلات وعناوين ومحطات. في الفصل الثاني، نشر وليد شميط مجموعة من الحوارات الصحافية التي أجراها معه. بعضها منشور، ومعظمها لم ينشر، بحسب ما كتبه شميط في تقديم الفصل الثاني: <<من بين العديد من اللقاءات التي أجريتها مع شاهين منذ أواخر الستينيات لغاية اليوم، اخترت ستة لقاءات، أربعة منها غير منشورة سابقا، يتحدّث فيها المخرج عن بداياته الأولى، وعن ممارسته السينما كمخرج ومنتج، وعن تجربته مع المنتجين والموزّعين في القطاعين العام والخاص في مصر، وعن الإنتاج المشترك مع فرنسا، ويتوقف عند العديد من أفلامه (...)>> (ص. 701). في الفصل الأول، حكاية السينمائي الذي اقتبس أعماله من الجرح الإنساني العربي، ومن المواجهة مع القدر والمجتمعات والأفكار، ومن الحياة التي غرق فيها حتى الثمالة، قبل أن يخرج إلى الدنيا سينمائيا من الطراز الرفيع.