د.ك13.5
البطركة الثقافية دراسة في سلطة الأب وتمثيلاتها
ربما كان البحث عن الأب في أي من فنون القول مفتاحا أساسيا لفهم كثير من العلاقات النصية المتداخلة بعالم الكاتب النفسي ورؤيته للعالم اجتماعيا وسياسيا وتاريخيا ولعل الشعر من أكثر الفنون التعبيرية قربا من الذاتية وقدرة على تكثيف العالم ما يجعله ميدانا خصبا لقراة هذا العالم الذي يضطرب في ذات الشاعر ويتجلى في القصيدة فالقصيدة ليست مجرد فكرة أو تشكيل فني جميل بل هي قبل ذلك رؤية الشاعر المتداخلة بحسه الإنساني الرفيع وقدرته على النفاذ إلى ما ورا الظاهر إنها عالم خصب غني يتداخل فيه الماضي بكل تجلياته والحاضر بكل اضطراباته والمستقبل بكل تحدياته فهي لحظة خلود فني تكتب العالم متعالية على الواقع لأنها تجمع الماضي والمستقبل في الحاضر وانطلاقا من الإيمان بقيمة الشعر تحاول هذه الدراسة أن تنفذ إلى تمثيلات الأب في القصيدة العربية الحديثة (زمنيا) بكل توجهاتها وانتمااتها الفكرية والفنية سوا كانت قصيدة حديثة أو حداثية أو حتى قصيدة تقليدية كتبت في العصر الحديث وهي تقرأ هذه التمثيلات في خمسة وتسعين نصا شعريا لسبعة وعشرين شاعرا لتبحث في رؤية الشاعر العربي لإشكالية الأب المتداخلة في علاقاتها وأبعادها النفسية والاجتماعية والسياسية وامتداداتها السلطوية المتجلية في سطوة التقليد وهيمنة التاريخ وقد ركزت الدراسة على تحليل النصوص في جوانبها التي تمثل فيها الأب وكان نهجها التعامل مع النصوص دون مراجعة أي قراات أو نقود سابقة ذلك أن تمثيل الأب لم يبحث في الشعر العربي الحديث من قبل على حد علمي أما التحليلات السابقة لبعض القصائد التي أخذت موقعا في هذه الدراسة فلا تتسق مع منهج البحث الذي يقرأ تلك القصائد في سياق متصل مترابط ومن هنا فقد اعتمدت دواوين الشعرا مصادر أساسية والقرآن الكريم والكتاب المقدس مصدرين ضروريين لتقصي تناصات بعض الشعرا معهما ودراسات قليلة أخرى كبعض دراسات فراس السواح وسيغموند فرويد وبعض كتب التاريخ لفهم منطلقات بعض الشعرا بشكل أعمق يتقصى الفصل الأول تعبيرات الشعرا الحديثين عن فقد الأب في محاولة لقراة الشكل الذي تم عبره تقديم الأب الراحل دون إغفال التعرض لكثير من الجوانب الفنية في القصائد إضافة إلى عقد مقارنات بين بعض هذه القصائد ثم يقدم قراة لنصوص ترى الأب المفتقد في إطار صورة القرية الضائعة وتربط بين المكان والأب في تعبيرها عن إحساس الشاعر بالفقد بعد ذلك ينطلق من فكرة إحيا الأب المفتقد في الابن واستمراره عبره والتي تجلت عند شوقي ليستقصيها في أكثر النصوص التي ظهرت فيها كما أنه يتناول القصائد التي قدمت الأب عبر رؤية تمس الأسطورة وتتماهى معها ضمن مرجعيات كل منها أما الفصل الثاني فيحاول عبر النماذج الشعرية التي يبحث فيها قراة وتحليل معاناة الابن من سلطة الأب التقليدي سلطة أولى في حياته ومحاولاته للتمرد عليها كما يبحث في موقف الشاعر من سلطة التاريخ الراسخة في المجتمع العربي ويرنو الفصل الثالث إلى الشعر الفلسطيني عبر تقديم ثلاثة نماذج أساسية من هذا الشعر الغني بتمثيلات الأب لعلها تختصر نماذج أخرى كثيرة تدور في فلكها أو تكررها وهي صورة محمد القيسي الثابتة للأب الشهيد ورؤية عز الدين المناصرة المتميزة للأب في سبيل الدفاع عن الهوية الثقافية والتاريخية لفلسطين وتجربة محمود درويش المتوهجة بتمثيلات الأب والمتجددة عبر تاريخ الصراع مع الاحتلال حتى لتكاد تكتب كل فصوله شعريا