د.ك8.5
بحث في الأعماق أبراهام فيرغيز
الدم أشد كثافة من الماء، وأكثر غزارة منه، في هذه الرواية الصريحة عن فتيين توأمين وُلدا في أديس أبابا عام 1954 وتيتَما على الفور – ماتت والدتهما، وهرب والدهما، وبتربيتهما من قبل طبيبين في المستشفى، سرعان ما بدأ شيفا وماريون بمزاولة الطب أيضاً، ولكن حياتَيهما تباعدتا على نحو مُحزن. وللتوأمان صلة تخاطرية، ويعتقد ماريون، الراوي، أن باستطاعته تذكّر علاقتهما في الرحم. وللطبيب فِرغيز انجذاب إلى تحرير التفاصيل والحَدْس غير العلمي من القيود. ويتناغم التخثّر المستنفَذ للإجراءات الطبية مع إدراك شِعريّ للعالم الخارجي – لدى وصوله إلى نيويورك، يفتقد ماريون صوت النّشاز التي تُصدره طرقات أديس أبابا، ملاحظاً أن السيارات في أمريكا ساكنة تقريباً… يُخضع فِرغيز التاريخ والصدفة لمتطلباته الروائية – تتقاطع دروب الشخصيات عندما يُفترض بها ذلك، ويعثرون على المعلومات التي يبحثون عنها، مبتكراً قصة أشبه بالأجساد البشرية التي يصفها ماريون بدقة وعناية:”جميلة ومدهشة”. يقول ماريون/الراوي: “شقيقان توأمان، كنا ننام في السرير نفسه حتى سنّ المراهقة، ورأسانا متلامسان، وسيقاننا وجِذعانا متباعدة على صورة زاوية. لقد كبرنا على تلك الأُلفة، ولكنني ما أزال أتوق إليها وإلى قُرب جمجمته. وعندما يستيقظ على هِبِة شروق شمسٍ آخر، إن أول ما يتبادر إلى ذهني هو إيقاظه والقول، أدين لك بمنظر الصباح. ما أُضمِر لشيفا أكثر من أي أمر آخر هو التالي: رواية القصة. فهذه القصة لم تكشف عنها والدتي، الأخت ماري جوزف بريز، وتهرّب منها والدي الذي لا يهاب، توماس ستون، وكان عليّ جمع تفاصيلها. وحدها الرواية يمكنها رأُب الصدع الذي يفرّقني عن شقيقي. أجل، إن إيماني غير محدود بحِرفة الجراحة، ولكن أياً من الجرّاحين لا يستطيع شفاء الجرح الذي يفرق شقيقين. فحيث يفشل الحرير والفولاذ، لا بد للقصة من أن تنجح…”. تدور أحداث الرواية بين أديس أبابا ونيويورك، ويتشابك فيها قدر توأم إلى الأبد، وتظهر فيها نقائض بين الحب والخيانة وبين الطب والأعاجيب. وكما هو دوماً “أبراهام فيرغيز” ساحر كروائي.