د.ك3.5
كوسوفا : محمد الأرناؤوط
“تجليات ثقافية ما بين الشرق والغرب” في هذا الكتاب الفريد والذي يبحث في تأثير الثقافة العربية عبر تاريخ كوسوفا أو قوصوة سابقاً، “والتي لم تكن غريبة عن بلاد الشام أو عن المشرق، حيث كانت قد تشابكت بصلات بشرية وثقافية خلال القرون التي امتد فيها حكم الدولة العثمانية..” يعود الكاتب إلى التاريخ الذي ليس ببعيد، ليبحث عن معالم وجود هذا التراث العربي في كوسوفا التي انتقلت من الحكم العثماني إلى الصربي، إلى تجربة الفيدرالية اليوغوسلافية إبان حكم الحزب الشيوعي، إلى إعلان الاستقلال وإقرار دستورها الجديد عام 2008، والذي اعتبر”اللغتين الألبانية والصربية لغتين رسميتين، إضافة إلى حق الأقليات (الباشناق والأتراك والغجر) في استخدام لغاتهم”. منذ بداية الفتح العثماني، ومستعيناً بالكثير من المراجع والصور والملاحظات والهوامش، يبحث الكاتب في تأثير اللغة العربية والإسلام في مظاهرهما المتنوعة في كوسوفا. فمن المخطوطات العربية القديمة، إلى تراث الطريقة القادرية، إلى الشعراء الكوسوفيين الذين كتبوا باللغة العربية، كالشيخ محمد طاهر، والشيخ عمر لطفي بشاريزي، كما يتطرق إلى الشعراء الذين كتبوا بالحروف العربية في القرن العشرين، ومحللاً معاني المفردات العربية في رواية سنان حساني “بدأ العنب ينضج”. يطال البحث أيضا العمارة الإسلامية المتواجدة في كوسوفا، وبالتحديد أبنية الجوامع ذات القيمة التاريخية، وانتشار فن الأرابسك خاصة على يد الفنان دمير بهلولي الذي اعتبر فنه كمدرسة خاصة بعد تزيينه أكثر من أربعين جامعا. كما أن المؤلف وجد أيضا، دليلا على تأثر كوسوفا بالأوضاع العربية وأحداثها، في مواضيع الشعر الكوسوفي كالثورة الجزائرية، والقضية الفلسطينية. يجد القارئ في هذا الكتاب فصولا عن قضية الإستشراق الكوسوفي وعن ضرورة متابعتها عن طريق التعاون بين المؤسسات المعنية في الاتحاد الأوروبي وبين العالم العربي، كما عن الأدب العربي المترجم، من امرئ القيس إلى إبراهيم نصر الله، وعن الترجمة الكوسوفية الأولى للقرآن الكريم. كتاب جدير بالقراءة، يخرج المعلومات التاريخية والثقافية لمنطقة كوسوفا، من العتمة إلى النور، ويبين تميّز موقعها الثقافي بين الشرق والغرب.