د.ك3.5

من هو شارلي؟ إيمانويل تود

لعل حادثة 11 يناير 2015 بصمت التاريخ و بالخصوص الفرنسي بعد خروج الكثير من الفرنسيين للتظاهر استنكارا لأحداث العمل الارهابي الذي استهدف صحيفة شارلي ايبدو و أسفر عن موتى و جرحى .. يأتي هذا الكتاب ليقرأ تلك الأحداث ربما بطريقة مغايرة عن التفسيرات الجاهزة و الاعلامية .. وهذا لا يعني دفاعا عن العمل الشنيع و لكن توضيحا لما هو خفي و استنتاجا للمعطيات الميدانية التي رصدت جملة من الخلاصات .. أولها بل و اهمها أن الجماهير الفرنسية التي خرجت للشارع و الذي تتزعمه شخصيات وازنة (و غير الفرنسية كذلك ) تنتمي إلى الطبقات العليا المسيطرة أو إلى الطبقة المتوسطة المستفيدة و اللتان تتوزعا في مجالات جغرافية مركزية أما فرنسا الأحياء الشعبية و أبناء الأرياف و الطبقة الهوامش , لم تكن حاضرة بالمرة . يقرأ ايمانويل تود حدث التظاهر في 11 يناير 2015 باعتباره : أزمة دينية للمجتمع الفرنسي – خوف في حياة الفرنسي العلماني ( المعادي للدين ) إثر الاختفاء النهائي للكنيسة – حاجة فرنسا الغير المؤمنة لكبش فداء كي يحل محل كاثوليكيتها التي لم يعد لها استخدام – شيطنة الاسلام و اتخاذه ذلك الكبش الملبي لحاجة مجتمع بدأ يتخلص من المسيحية – حدث يقف ضد المساواة التي تنادي به الجمهورية – حسب تود الطبقات المتظاهرة في هذا اليوم التاريخي كانت تحمل في بنياتها الذهنية مسوغات و برامج أخرى يمكن التعبير عنها بالمعاداة للإسلام وتكريس للاسلاموفوبيا في الاوساط الجماهيرية التي كانت من الطبقة المثقفة و العليا و الطبقة المتوسطة (ذات خلفية دينية مسيحية كاثوليكية ) أي المسيطر و المستفيد ضد الطبقات الشعبية و الفئات الكادحة و التي تتحدد في أبناء المهاجرين و العمال المسلمين . يقدم هذا المعطى جوابا مفاده تنامي موجات الاسلاموفوبيا و تحالف اجتماعي ضد الطبقة الشعبية و التي بدورها يزداد فيه العداء للسامية و لليهود . و من بين ما يؤكد هذا الطرح هو معدل المتظاهرين في المدن ذات التراث العلماني مثل مارسيليا بلغ 115000 في ظرف يومين , بينما في وسط كاثوليكي مثل مدينة ليون بلغ 300000 في ظرف يوم واحد ؟ حتى دلالة الرمز أو الجملة المتداولة في ذلك السياق و هي ” أنا شارلي ” تعبر عن رغبة جماهيرية حركها منطق اعلامي متسرع و فاقد لرؤية , كما أنها نموذج صارخ للوعي الزائف … حصر الكاتب فرنسا بين موقفين , إما المواجهة مع الاسلام و الذي سيؤدي إلى الانكماش و التقشف ,الانغلاق و الانسداد , العنصرية و الراديكالية , عزلة دولية … أو التكيف معه عبر جملة من الخطوات …فالخيار الذي اخذته فرنسا اليوم هو خيار المواجهة وما يجسد ذلك هو ظهور شارلي و الهوس المتزايد ضد الاسلام , التصويت للجبهة الوطنية , معاداة السامية … انطلاقا من هذا الحدث فقيمة المساواة لم تعرف مكانا في الاوساط الشعبية بسبب صعود نزعة الهيمنة و الاستيلاء الايديولوجي و السياسي على السلطة عبر شرائح اجتماعية عليا و طبقات كاثوليكية و كذا بسبب فاعل سياسي هو الحزب الاشتراكي . ما يثير حيرة الكاتب هو هوس المجتمع الفرنسي بالاسلاموفوبيا و تنامي العداء لليهود في الاوساط الشعبية في ظل عدم اكتراث من طرف الوسط العلماني .

د.ك3.5

Add to cart
Buy Now

Free

Worldwide Shopping

100%

Guaranteed Satisfaction

30 Day

Guaranteed Money Back

Top Img back to top