د.ك3.5
أيام التراب زهير الهيتي
يروي الكاتب العراقي “زهير الهيتي” في هذه الرواية حكاية “غصن الباب” التي بدأت تفاصيلها مع سقوط بغداد ودخول الاحتلال الأمريكي العراق، سادت أوضاع من الفوضى وعمليّات القتل الثأري تحت شعار تخليص البلاد من نظام صدام حسين، فزرعت ميليشيات من الرعاع الخوف في نفوس فئات واسعة من الشعب العراقي، خاصة المسيحيين منهم، في العراق. “غصن البان” من سلالة بَنَت مجدها أيام الملكية العراقية، تراقب تحولات المجتمع العراقي، وتقرأه من خلال لوحات لفنانين كبار اقتناها جدها، أحد أشد أنصار الملكية، وعلقها على حائط الصالة الكبيرة. كما من خلال علاقتها بشخصيات متعدّدة من المسيحيين.
“اللوحات السبع، موزعة بتناسق جميل على الجدران.. أتساءللماذا هذه اللوحات بالذات ولماذا تلك المواضيع الشائكة المقلقة التي تُثيرها؟..
هل كان جدي يشعر بالارتياح وهو يتأمل تلك المخلوقاتالغريبة لماكس ارنست، التي تحاول التهام القديس انطونيوس!.. أو يتأمل “جزيرةالأموات” لبوكنر!.. أو سالومي في لوحة كارافاجيو وهي تشارك والدها في ذبحالنبي يوحنا الذي يبدو مستسلماً لقدره، مضرَّجاً بدمائه على الأرض، وتحمل السلة التي ستضع فيها رأسه لترقص فيما بعد الرقصة الأشهر في التاريخ.. أين المنطق في اختيارات جدي..!
لم يخطر على بالي طرح مثل هذه الأسئلة في السابق، ولا أحد يذكر متى عُلّقت تلك اللوحات، فهي دائما موجودة وأصبحت مع مرور الوقت جزءًا منعمرنا الذي مرَّ من تحت إطاراتها المُذهَّبة وطبعت هويتنا الثقافية بملامحها. وبقي السر وراء هذه الاختيارات علامات استفهام ذهبت مع أصحابها إلى القبور. ولكني أعرف أن وجودها في حياتي هو الذي حفّزني على اختيار دراستي للفنون الجميلة، رغم معارضة أمي التي لم ترَ في تخصصيّ ما يُليق بتاريخ عائلتنا، وانتقاصاً من مكانتنا الاجتماعية. وقد منحتني دراستي للفنون التشكيلية القدرة على تحمّل قسوة وتَصحُّر الواقع والرقص بحرية في أحلام يقظتي على قمم الأعالي.. أشعر الآن أنني الحلقة الأخيرة في تاريخ هذا القصر، وتُشعرني هذه الصالة بالأمان وهذا ما أحتاج إليه حالياً..