د.ك6.0

الجماعات أفكارها ومعتقداتها

خال للناظر في أحوال هذا الكون أن الانقلابات العظيمة التي تتقدم تطور المدنية في الأمم مثل سقوط الدولة الرومانية وقيام بعضها على بعض أو سقوط الأسر الحاكمة، وهكذا.. ولكن بعد إمعان النظر في هذه الحوادث يتبين أن وراء أسبابها الظاهرة في الغالب سبباً حقيقياً هو التغير الكلي في أفكار تلك الأمم فليست التقلبات السياسية الحقيقية الكبرى هي التي تدهش الباحثين بعظمتها وعنفها؛ وإنما الانقلاب الصحيح الجدير بالاعتبار الذي يؤدي إلى تغير حال الأمم المدنية يحصل في الأفكار والتصورات والمعتقدات والحوادث العظيمة الخالدة في بطون التواريخ ليست إلا آثاراً ظاهرة لتغير خفي في أفكار الناس.

وإذا كانت تلك الاقنلابات العظيمة نادرة الحدوث فذلك راجع إلى أن أشد اخلاق الأمم رسوخاً عندها هو التراث الفكري الذي ورثته عن آبائها. هذا وإن أحراج الأزمان في تطور الفكر الإنساني زماننا هذا ولهذا التطور عاملاً أصليان: الأول: تهدم المعتقدات الدينية والسياسية والاجتماعية التي تتكون منها عناصر المدنية الحاضرة. والثاني: قيام أحوال جديدة ونشوء أفكار جديدة في الحياة تولدت كلها من الاكتشافات العصرية العلمية والصناعية. ولما كان تهدم الأفكار القديمة لم يتم؛ فلم تزل قوتها وكانت الأفكار التي ستحل محلّها في دور تكونها كان الزمن الحاضر زمن تحول وفوضى.

ومن خلال هذا الكتاب يحاول المؤلف بيان أحوال الجماعات من حيث معتقداتها وصيغتها الدينية، وما يعرض للفرد مجتمعاً من تغير المشاعر واختلاف النظر وتبدل حكمه فيما يحيط به وسماه (روح الاجتماع) وهو يبحث ذلك بالوسائل العلمية المرضية المحضة باتباعه نسقاً مؤسساً على قواعد لعلم غير ملتفت إلى الآراء والنظريات والمذاهب الجارية مجرى الأمور المسلم بها حيث يرى في ذلك الوسيلة الوحيدة لاقتناص بعض شوارد الحقيقة.

د.ك6.0

Add to cart
Buy Now

Free

Worldwide Shopping

100%

Guaranteed Satisfaction

30 Day

Guaranteed Money Back

Top Img back to top