د.ك4.0
العرب بين الأنوار والظلمات
هذا الكتاب يدرس معركة الأنوار ضد الظلمات إما بشكل مباشر وإما بشكل غير مباشر . المقصود : إما من خلال التراث العربي الإسلامي نفسه وإما من خلال التراث الأوروبي العلماني الحديث . فكما أن فولتير وروسو والموسوعيين خاضوا معركة الأنوار ضد الظلامية المسيحية التي كانت مهيمنة على عصرهم ، فإن المثقفين العرب يخوضون ذات المعركة ضد الظلاميين المهيمنين حاليا على برامج التعليم والفضائيات والجوامع والجامعات ( أو على قسم كبير منها ) . الفرق الوحيد بيننا وبينهم هو التفاوت الزمني الذي يتراوح بين مائتي سنة وثلاثمائة سنة . وهذه هي مسافة التفاوت التاريخي بين العرب والغرب . هم خاضوا المعركة ضد ظلاميتهم منذ القرن السابع عشر على يد سبينوزا وحتى القرن التاسع عشر على يد رينان وفيكتور هيغو وسواهما . ونحن نخوض المعركة نفسها اليوم . وعلى أي حال فإن مجرد ظهور مفکر كبير على مسرح التاريخ انبثاقا لإشعاع نوراني جديد . مفكر واحد قد يضيء لك الدنيا ! ولكن ليس من السهل أن يظهر مفکر كبير في التاريخ . قد تمر قرون دون أن يظهر . المعري مات عام ۱۰۵۷ أي قبل ألف سنة تقريبا . ولم يظهر مفکر كبير بعده إلا مؤخرا في القرن التاسع عشر أو العشرين ( طه حسين مثلا ) . وليس من السهل أن يظهر كتاب عبقري جديد قادر على إضاءة الإشكالية الاستعصائية للعصر : أقصد الإشكالية التراثية . على هذا النحو نفهم تركيز الكتاب على كل هذه الشخصيات الفكرية والإشكاليات الفلسفية والمؤلفات الأساسية التي استعرضناها الواحدة بعد الأخرى . الفكر بحد ذاته نور على نور .. أضيف : في الماضي وطيلة عصور الانحطاط كان الصراع ينتهي دائما لمصلحة الظلات العربية للأسف الشديد على هذا النحو نفهم انتصار الحنابلة على المعتزلة مثلا ، أو سحق الغزالي وابن تيمية وبقية الفقهاء للفلسفة والفلاسفة ممثلة بالكندي والفارابي وابن سينا وابن باجة وابن رشد ، الخ .. ولكننا نعتقد أنه توجد اليوم -ولأول مرة في التاريخ- فرصة ذهبية لكي تنتصر الأنوار على الظلمات في العالم العربي . قد يبدو هذا الكلام غريبا جدا في عصر الظلات الداعشية المطبقة علينا ! ولكن ينبغي أن ننظر إلى الأمور في العمق وعلى المدى الطويل .