د.ك7.0
الفن والحرب جمال قطب
تك
ترجع علاقتنا بالفنان الكبير جمال قطب إلى أكثر من عشرين سنة، كان التعاون فيها فيما بيننا -وما زال- مثالاً يحتذى من العطاء وصدق الإخاء. فمنذ أن كان طالباً في كلية الفنون الجميلة.. وبعد تخرجه فيها وحتى الآن، وهو دائم الأسفار يتنقل بين مختلف العواصم العالمية لزيارة متاحفها الفنية لمشاهدة معروضاتها على الطبيعة ودراستها دراسة متأنية. كما أنه بطبعه منهوم بالقراءة، يقرأ بتؤدة وإمعان كل كتاب يقوم برسم غلافه أو رسم صوره الداخلية.. ولا غرو أن نجد إبداعات جمال قطب في رسم الغلاف قد غزت بحق أرجاء الوطن العربي من الخليج إلى المحيط، وارتبط اسمه بؤلفات كبار الكتاب من أمثال طه حسين والعقاد الحكيم ونجيب محفوظ وعبد القدوس ويوسف إدريس والسحار والسباعي وعبد الحليم عبد الله وباكثير وغيرهم الكثير. هذا إلى جانب المئات من كتب دار الهلال ومطبوعاتها حيث كان يعمل مديراً فنياً لها.
ولا يفوتنا أن نذكر في هذا المقام كتب مؤسستنا ((مكتبة مصر ودار مصر للطباعة)) التي تفخر بأن يكون أكثر الأفذاذ من كتاب القمة من روادها والمتعاونين معها، وأن معظم كتبها قد حليت برسوم الفنان جمال قطب.
ولنا أن نتصور كذلك الكم الهائل من الثورة اللغوية والثقافة الأدبية والفنية التي أتاحتها له ظروف عمله، حتى رأيناه وقد انتشرت مقالاته الفنية في السنوات الماضية على صفحات كثير من الصحف العربية والعالمية واسعة الانشار، حتى أصبحت مرجعاً هاماً للقراء الذين يعنون بالفنون الجميلة والثقافة الفنية الرفيعة.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا ((الفن والحرب)) هو خير شاهد على ما نقول.. فقد تآزر في صياغته إلى جانب رشاقة الأسلوب وسلامة التعبير، جمال الفن وسعة الاطلاع وعمق البحث واستقصاء المعلومة التاريخية.
وإذ عدنا إلى الوراء سنوات قليلة، وجدنا أن جمال قطب قد أسهم بالنصيب الأوفر من المشاركة الفنية في كل معاركنا المصيرية.. ولعل المجلد الذي أصدرته الدولة من رسومه في الستينات تحت اسم ((انتصار بورسعيد)) ، وإسهاماته الإعلامية الأخرى في عدوان ٦٧، وكذلك لوحاته الحماسية في ٧٣ تلك التي كانت المؤسسات المصحفية ودور النشر في أنحاء الوطن العربي الكبير تتسابق وتتهافت على نشرها.. كل ذلك يفسر لنا لماذا بدأ جمال قطب سلسلة كتبه الفنية التي ينوي أن يصدرها تباعاً بكتابة الأول ((الفن والحرب)) يضرب فيه على نفس الوتر، فإن معارك التاريخ ومواقف البطولة والأحداث الساخنة تنعكس في بصره وبصيرته ووجدانه عطاء فنياً صادقاً وصفحات بطولية مجيدة، سطرتها العبقريات الملهَمة والمواهب الفذة لكبار الفنانين عبر مسيرة الإنسان على مر العصور.