د.ك3.0
انا وحماري خوان رامون خيمنيث
تك
هذا الكتاب موجه إلى الطفل ولن يُحذف منه ولن يزيد عليه بشيء وإن كان بمقدار فاصلة ، فالطفولة جزيرة الرحمة والنضارة والسعادة والعصر الذهبي للاطفال ، طالما وجدت في حياتنا وهي بحر من الأ لم وهبتنا نسمات قيثارة عالية لا معنى لها أحيانا كأنها ترانيم لقنبرة في شمس الشروق البيضاء . هذا ما ذكره الشاعر خوان رامون خمنيث في روايته الشهيرة ” انا وحماري ” والتي حازت على جائزة نوبل عام 1956 ، وترجمها الدكتور لطفي عبد البديع وصدرت عن دار المدى للإعلام والثقافة والفنون بطبعتها الثالثة عام 2016 . تعد هذه الرواية قمة من قمم الأدب الإسباني دعا فيه الشاعر حماره الفضي المسمى بلاتيرو إلى التأمل معه في الوردة والفراشة والمسيل والتل والشفق والغروب ، وطاف به في قريته بين ملاعب صباه ليشهد بؤس البائسين وفرح الفرحين ولينظر مافي الأحياء والكائنات من صور ، والتقطها خيال الشاعر وطابق كيانه بين الشعر والحياة . كاتب الرواية بالأصل شاعر أقبل على مطالعة شعر الشعراء الفرنسيين والإنكليز والألمان وآثار الرومانتكيين منهم وكتب في المجالات الأدبية وغمر العالم الإسباني والأوربي بشعره وأكثر من الرحالة في أنحاء اسبانيا وفرنسا وغيرهما من البلاد الأوربية . وفي هذه الرواية الموجهة للطفولة ، والتي تتألف من 138 فصلا قصيرا كل فصل يحمل عنوانا مختلفا إلا انها مكملة لبعضها بشكل رواية متكاملة بعنوان ” انا وحماري” . استطاع خوان رامون بلوغ الكمال الفني من خلال شعره من حيث الموسيقى الداخلية والصفاء الكامل للشعر وجعل من حياته شعر ومن شعره حياة ، لم ينتمِ لمدرسة شعرية رغم انه استهل حياته متأثراً بالرمزية الفرنسية والمذهب الحديث الذي وضع اصوله العالم الاسباني روبين داريو. أحداث عصر خوان رامون وازمات الساعة لم تصرفه عن رسالته الشعرية الكبرى التي تتمثل في المظهر منتقلى الى جوهر الاشياء و التي عرضها ضمن فلسفته الشعرية حيث تغذت فلسفتته الشعرية من الدائم لا المتغير ومن الثابت لا المتحول وهو طراز خاص به ومختلف عن معاصريه . كتاب أنا وحماري لم يكن بطله بلاتيرو ولا خوان رامون وانما هو على حد ما ذكر الناقد انريك دياث كانيدو في كتابه ” خوان رامون وشعره” يتحدث عن قرية الشاعر باعتبارها كائناً حيا له شخصيته المتغيرة في كل ساعه وفي كل فصل وموقف ، فالكائنات والاشياء في القرية كأنها حوادث قصة تنبعث بها نفس شاعر حزين يغمره الشوق والحنين ويرثي الطفل الأبله والكلب الأجرب والكناري المحتضر . لم يكن الكتاب تاريخا لحياة حمار ثرثار ينطقه القاص بحكمة أخلاقية تشبه “الذنب الجاف والرماد والريشة الساقطة” وانما هو رمز اتخذه شاعر آثره بقلبه على انسان لا روح فيه . ومن الآثار الإنسانية التي تسري في فصول هذا الكتاب أنه خلد ذكرى بلاتيرو في العالم فما أكثر اللغات التي ترجم لها هذا الكتاب وهذا كان كفيلا بجعل بلاتيرو معروفا للعالم كله وقد بلغ شيوعه أن وضعت نسخة منه للعميان في الولايات المتحدة على طريقت بريل . وقد صنعت لهذا الحمار دمى وتماثيل ودمى من الورق والقش والجص فصار كائنا عالميا له تاريخه في مختلف الامم والشعوب . يذكر المترجم انه وضع من نفسه في هذه الروايه كما وضع الكاتب فيها من جهود فترجمها كمرثية وهذا الديوان الشعري المنثور تمثل لنفس الشاعر والتقاط لصوره السماوية الطائرة وليس هذا بالامر الهين .