د.ك5.0
تحولات الفكر الفلسفي المعاصر عبد الرزاق بلعقروز
يسعى هذا الكتاب، من خلال المقاربات الفلسفية التي يقوم بها المؤلف الجزائري والأستاذ الجامعي المتخصص بمادة الفلسفة، إلى “رصد لحظة التحول الجذري العميق والمساءلات النقدية العنيفة لنماذج العقل بمعناه الحداثي، وقيم التنوير الفلسفي، ونظريات التقدم الحضاري”، فيحلل ويناقش تحولات الفكر الفلسفي المعاصر، ويطرح الأسئلة المتعلقة بجذور هذا التحول، والتي تطال ثلاثة عناصر رئيسية فيه وهي: المفهوم، والمعنى والتواصل.
تبدأ الدراسة في بابها الأول بالبحث عن “تحولات المفهوم في الفلسفة من منطق الكلية والتجردية إلى المنظورية والرهان التداولي”، وينطلق في فصل أول من شرح المصطلح الفلسفي وخصوصياته، ومن طبيعة العلاقة المتحركة التي تربط الفلسفة واللغة بالاصطلاح المفهومي، فـ “المفاهيم الفلسفية يمكن وصفها بالمفاهيم الجوالة، أو المرتحلة التي تؤسس بدورها لكل فلسفة تروم فتحاً معرفياً معيناً او الاختباء خلف عدة اصطلاحية مخصوصة لضمان الوجود أو الحضور..”.
ويتناول الفصل الثاني بالتحليل نموذجين فلسفيين هما “سؤال الحداثة عند طه عبد الرحمن” الذي سعى إلى “تخليص القول الفلسفي العربي الإسلامي من قلق العبارة والاتباع”، ومن ثم فكرة “التداخل بين المفهوم الفلسفي وتمظهراته في فروع المعرفة الأخرى..”، لدى عبد الوهاب المسيري.
ويتطرق الفصل الثالث إلى الحديث عن الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، الذي يؤكد على مساهمة المفهوم الفلسفي في “الوصل بين العلوم الاجتماعية من أجل فعل تواصلي يراعي معايير منطق الخطاب”.
يشرح الباب الثاني من الدراسة، “تحولات العلاقة بين الفلسفة والحداثة: من التوحد وتأسيس المشروعية إلى النقد الجذري والمواجهة”، ويتخذ من فصله الأول عرضاً للنظريات الفلسفية النقدية “المابعد حداثية”، وعلى الأخص لنظرية الفيلسوف نيتشه و”ثورتها النقدية العنيفة على التراث الثقافي الغربي”. تتبّع الفصل الثاني خطاب الاستشراق باعتباره “خطاباً يجد ضماناته التأسيسية في الفلسفة الذاتية، التي أضحت تهمة معرفية في الفلسفة المعاصرة”. و”تفرّد الفصل الثالث بالحديث عن المعنى الفلسفي لعودة المكبوت الديني في الثقافات المعاصرة”.
يبحث الباب الأخير في “روح العولمة وتحولات مهمة الفلسفة”، ويعالج في فصله الأول “الأبعاد الكونية للتجربة الصوفية”، كما “تقرأه شبكة العلوم الإنسانية اللمعاصرة بخاصة ميشيل دوسارتو في الفكر الغربي”. وينتقل فصله الثاني إلى شرح كيفية إعادة بناء المفاهيم في عصر العولمة، وخاصة حيثيات تحول مفهوم المجتمع المدني.
ويخصص فصله الثالث لتوضيح “كيف أن أخلاقيات التواصل ممكنة من منظور البحث التداولي”، وفصله الرابع “لتوصيف العولمة في القول الفلسفي العربي المعاصر”، والتي تبرز “تنوّع المواقف الفلسفية العربية من لغة العولمة”، في حين أن هذا الزمن “بمفاعيله ونتائجه على الإنسان المعاصر بخاصة إرادة السيطرة والتعميم للنماذج الثقافية المهيمنة وتنميط العقول تبعاً لها يتحتّم علينا تحدياً فلسفياً مضاعفاً، هو الحاجة إلى صحوة العقل وتجديد قيمه وبعث الحياة في الحس التساؤلي، ونقد القناعات النفسية والفكرية الشائعة، فضلاً على الأفكار والقيم الذوقية السلوكية الرائجة..”.