د.ك6.0
حرب ايران جاى سولومون
كو
يستعرض الكاتب الأميركي جاي سولومون في كتابه “حروب إيران” أبرز المواجهات التي خاضها الأميركيون والإيرانيون على مدى عشرات السنين، وعلى مختلف المستويات، من الصدام السياسي والتصريحات الاستفزازية المتبادلة، إلى المواجهات العسكرية شبه المباشرة أو عبر وكلاء، ويمرّ على ملف الاغتيالات التي استهدفت علماء نوويين إيرانيين، ويصل إلى أسلوب الحرب بفرض العقوبات الاقتصادية الشرسة.
حروب إيران كتابٌ من 11 فصلاً ويضمّ 358 صفحة، ترجمه للعربية الدكتور فواز زعرور، ونشرته دار الكتاب العربي عام 2017.
يتطرّق سولومون لكافة الجهود التي بُذلت من أجل احتواء المواجهة أيضاً، كمحاولات تخفيف التوتر التي جرت في بعض الأحيان خلال عهد الرئيس جورج بوش الابن، خاصة عندما حصل تعاون من أجل إيجاد نظام سياسي بديل في أفغانستان بعد إسقاط طالبان، إلى دور سلطنة عمان في دفع الطرفين للتواصل وبناء جسر الثقة.
لا يغيب عن الكتاب لمحة تذكيرية تظهر بين الحين والآخر، لتعيد مشهد الصراع التاريخي بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة مع انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، وما تلا ذلك من انعكاسات على العلاقات الثنائية لفترة طويلة جاءت بعد ذاك العام.
جزءٌ كبيرٌ من الكتاب خصّصه سولومون لشرح الآليات والمبادرات التي اعتمدها الأميركيون من أجل خنق إيران اقتصادياً، وحجز مواردها، عقاباً لها على دعم منظمات تصنّفها واشنطن كإرهابية، وعلى مضيّها في برنامجها النووي.
يجول سولومون في هذه القضية من تفاصيل النهج الرسمي للإدارة الأميركية، حتى المبادرات الفردية التي تابعها محامون مستقلّون ضيّقت أنفاس الإيرانيين مالياً واقتصادياً.
ويتحدث الكاتب كثيراً عن المفاوضات التي أخرجت الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى للنور، ويتطرق لمشهد تلك المحادثات من الجهة الإيرانية، ملقياً الضوء على سلوك وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ورئيسه حسن روحاني وما تحمّلاه من ضغوط داخلية حاولت منع التوصّل إلى الاتفاق.
ومن جهة أخرى يُسلّط “حروب إيران” الأنظار على مشهد الصراعات عند الأميركيين أنفسهم، وما واجهه الرئيس الأسبق باراك أوباما ووزير خارجيّته جون كيري من ضغوطات داخلية، سواءً في الإعلام أو في الكونغرس، فضلاً عن اليد الإسرائيلية الخفية والعلنيّة ودورها في التحريض بهدف منع الوصول إلى نتيجة إيجابية مع إيران في نهاية المطاف.
وفي الكتاب أيضاً عرضٌ جيّد للدور الإيراني في كل من العراق وسوريا ولبنان، يتسلسل في مراحل تاريخيّة مختلفة، يبيّن من خلالها الكاتب كيف تفوّقت إيران في هذه البلدان وضربت الاستراتيجيات الأميركية، خاصة في العراق، حيث يشير سولومون إلى قراءة أميركية لواقع هذا البلد أثبتت الأيام أنها كانت غير دقيقة إلى حدّ بعيد، مما أدّى لتنافس على الساحة العراقية، كان لضباط الحرس الثوري الإيراني، وخاصة فيلق القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني، اليد العليا فيه.
سولومون مراسل الشؤون الخارجية لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، وضع في صفحات هذا الكتاب كل هذه القضايا التي شكّلت مشهد المواجهة بين الأميركيين والإيرانيين لفترة طويلة، منها ما كان معلناً وبعضها الآخر خُطِط له خلف الكواليس، ويتخلّله معلومات حصل عليها الكاتب مباشرة من مصادره خلال عمله الصحفي، فقد تنقّل سابقا بين دول عديدة في الشرق الأوسط، ليغطّي أحداثاً ويجري مقابلات خاصة، وضع معلوماتها في “حروب إيران”.