د.ك4.5
حمراء كالدم سالا سيموكا
بين يدي القارئ الرواية الأولى من ثلاثية “بياض الثلج” التي تضم الروايات: “حمراء كالدَّم” و”بيضاء كالثلج” و”سوداء كالأبنوس” للأديبة الفلندية سَالا سيموكّا الفائزة بجائزة “توبيليوس” عام 2013 لأفضل رواية للشباب عن روايتها “من دون أثر” وعن رواية “في مكان آخر”. بالإضافة إلى جائزة فنلندا عام 2013. وفي “حمراء كالدَّم” تبدأ سَالا سيموكّا روايتها بأمنية ملكة بياض الثلج: “ليتني أنجب طفلة بيضاء كالثلج، وحمراء كالدم وسوداء الشعر كخشب الأبنوس الحالك الذي صُنع منه إطاراً هذه النافذة”، ما يعني جمع الروائية ثلاث أمنيات في فتاة واحدة سنتابعها في ثلاثة حكايات من حكايات “بياض الثلج”. تقول الحكاية أنه في غمرة يوم شتوي قارس وشديد الصقيع والبرد، شاءت الأقدار أن تدخل لوميكي أندرسون – التي كانت في السابعة عشرة من عمرها – صدفة غرفة تحميض الأفلام في مدرستها، وتعثر على مجموعة كبيرة من الأوراق النقدية القرمزية مغسولةً من بقع الدماء التي كانت تلطخها، ومعلّقة على الحبال لتجفّ. ولكن، دماء من هي يا ترى؟ تعيش لوميكي في شقة مكوّنة من غرفة واحدة، منفصلةً عن والديها وعن ماضٍ غامض أدارت له ظهرها عندما انتقلت إلى مدرسة مرموقة للفنون، حيث عزمت على أن تركز كل اهتمامها على التحصيل الدراسي والتخرج. ولتحقيق ذلك، كانت تتجاهل سخافات الطلبة وثرثرتهم، والحفلات التي يقيمها طلاب المدرسة وطالباتها الأكثر شعبية وجمالاً. ولكن عثور لوميكي على تلك النقود الملطخة بالدم قلب المعادلة رأساً على عقب. ففجأة انجرفت لوميكي في دوامة أحداث متسارعة، وجدت فيها نفسها مدفوعة لتتبع مصدر تلك النقود الغامضة وأصلها. واتّخذت الأحداث منحى أكثر خطورة عندما أشارت الأدلة إلى تورط رجال شرطة فاسدين، ومروّج مخدرات سيئ السمعة ومعروف بالوحشية التي يدير بها أعماله الإجرامية. تتسارع الأحداث في الرواية وتفقد لوميكي السيطرة على عالمها الذي لطالما بنته ورتبته بحرص، إلى أن اكتشفت كم كانت عمياء حيال الكثير من القوى التي تحيط بها، وخاضت سباقاً مع الزمن لتعيد الأمور إلى نصابها. وحين رأت الدم الأحمر القاني يلطخ الثلج الأبيض، أدركت عندئذ أن الأوان ربما يكون قد فات لكي تنقذ أصدقاءها أو حتى نفسها من مصير محتوم. من أجواء الرواية نقرأ: “رائحة غريبة! لقد فاحت في غرفة التحميض رائحة مختلفة عن العادة، ولكنها لم تستطع أن تحدد بالضبط نوعية تلك الرائحة. تقدمت خطوة إلى الأمام، فلامس شيء ما خدها بلطف. قفزت إلى الخلف متراجعة، وأشعلت الضوء الأحمر الآمن. بل عشرات الأوراق من فئة مائة يورو معلقة في الغرفة المظلمة لتجف. ترى، هل هي حقيقية؟ لامست لوميكي سطح الورقة الأقرب إليها. فبدا الورق حقيقياً على الأقل. أمعنت النظر لتتأكد من أنه لا توجد أي صور يتم تحميضها في صواني التحميض، ثم أشعلت الضوء العادي. بدت الأوراق النقدية واضحة في الضوء. رأت الصورة المائية والأرقام الشفافة وكذلك خيوط الأمان. إن لم تكن هذه الأوراق النقدية حقيقية، فلا بد أنها نسخ مزورة مصنوعة بغاية الإتقان. كان السائل في صواني التحميض ذا لون بني مائل للبرتقالي فلمسته لوميكي بإصبعها ووجدت أنه ماء. تفحصت أرضية غرفة التحميض ووجدتها مغطاة بلطخات بنية محمرة، ثم نظرت إلى زاوية إحدى الأوراق النقدية التي لها اللون البني نفسه المائل للاحمرار. وفي تلك اللحظة فقط فهمت ما الذي أزعجها في ذلك الظلام. إنها رائحة دم قديم وجاف”.