رسائل الرصافي إلى معاصـريـــه

من الكتب الممتعة في القراءة كتاب من اصدارات المدى يحمل عنوان (رسائل الرصافي) الرسائل المتبادلة بين الرصافي ومعاصريه. قام بجمعها وقدم لها وعلق عليها الباحث عبد المجيد الرشودي. في كتاب يقع في 212 صفحة من القطع الكبير وهو الطبعة الثانية ,

بعد صدور الطبعةالاولى في عام 1994, وهي طبعة منقحة وفريدة بالرسائل بعد ان عثر الرشودي على رسائل اخرى مهمة تبادلها شاعرنا الكبير المعروف عبد الغني الرصافي. من ابرز رسائل الكتاب الرسائل التي تبادلها الرصافي مع الاب الكرملي وكذلك مع امين الريحاني وخليل مردم وغيرهم. وهذه الرسائل كما يشير الرشودي لم تكن ذات طابع شخصي بل هي تتضمن موضوعات عدة في ضروب شتى من العلم والمعرفة منها مايتصل بعلم النحو او الكلام والعقائد , ومنها مايتصل من قريب او بعيد بسياسة البلاد واوضاعها الاجتماعية. وفيها ماهو ذو طابع انساني يدور حول اعانة ذوي الحاجات من الفقراء وطالبي العلم والعمل ممن يقصدون الرصافي مستشفعين , وانى لمثله ان يوصد بابه بوجه من جاء طالباً شفاعته متلمساً معروفه وهو القائل :-
وقلت يااخت مهلاً انني رجل
اشارك الناس طراً في بلاياها
كما بث الرصافي في بعض رسائله شكواه مما يكابد من جور السلطان وتنكر الزمان. اسلوبه في تلك الرسائل متفاوت , فهو حين يكتب الى العلماء والادباء كعبد القادر المغربي وطه الراوي وشارة الخوري يصطنع اسلوباً ادبياً عالياً , وربما عمد الى استعمال بعض الغريب النافر بين مفرداته مثل اعتقد والطخارير ومسلنقون على سبيل المماحكة والمفاكهة. اما حين يكتب الى غير هؤلاء فهو يجري على السليقة فلا تكلف في اسلوبه ولا تعسف.
وكذلك نجده في رسائل متواضعاً ولا يستنكف من الاستفسار عن بعض الوقائع التاريخية او المسائل الفقهية , وحتى النحوية بسبب عدم وجود مكتبة لديه يرجع اليها , او ان تقادم الايام انساه بعض التفاصيل من احدى الرسائل التي وجهها الرصافي الى الاب انستاس ماري الكرملي يقول فيها (قرأت ماكتبتوه الى حضرة العلامة جميل افندي الزهاوي من الذب عن الكاظمي , وحيث انا كنت الناقد لشعره احببت ان اجيبكم على ذلك فقوله (صحيب) في احد ابياته فهو وان لم يذكره احد اللغويين يؤخذ بالقياس. وقد نص ابن جني في هذا البيت