السعر الأصلي هو: د.ك4.5.د.ك3.8السعر الحالي هو: د.ك3.8.
”سجينة طهران”.. ندى بديوى
كو
كل شيء يصبح عسيرًا عندما تتعامل مع ميكافيليًا يؤمن أن الغاية تبرر الوسيلة، لا يخضع إيمانه للفحص أبدًا فقط يسير خلف ما يرى كالأنعام بل أضل، فيُشرّع له إيمانه أن يفجر مبنى للعجائز ليفرغ مساحة يبني بها بستانًا، يلخص ذلك جزء من فلسفة العدميين يقول “أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق الوحيد للخير”، هكذا عاشت بطلة رواياتنا مع أشخاص ظنوا أنهم ظل الله على الأرض وأنه لا مشكلة من أن يُعدم ويعذب بضعة آلاف من أجل أن يصل الباقون إلى العدل المنشود، هناك رأت الشابة الصغيرة كيف يتحول المظلوم لجلاد دون أن يدري. بعد الثورة الشعبية الإيرانية على حكم الشاه المسرف عام ١٩٧٩، جاء آية لله الخميني من منفاه ليضع يده على مقاليد كل شيء ويحل محل الشاه لكن هذا المرة كصوت السماء المقدس، استبدل الحرس الثوري محل البوليس السري وتغلغل أتباع الإمام في مفاصل الدولة كلها وأصبح الإعدام قدر كل من يجرؤ عن الحديث بسوء عن النظام الإسلامي المؤيد أو حاول التفكير في ما يعارض الذات الخمينية حتى لو أسر بذلك لنفسه. فتسرد الكاتبة مارينا نعمت معاناتها مع السجن في طهران في قالب أدب السيرة الذاتية، فتبدأ الحكي منذ لحظة اتخاذ قرار الكتابة والسماح لذاكرتها بالتدفق واسترجاع أشد اللحظات سوءًا وهي التي تحتاج شجاعة لمواجتها وجسارة لتعرف الآخرين بها، تعود بنا لطهران وهي طفلة صغيرة عرفت ملاكها الحارس، تحب القراءة التي وجدت فيها متعتها وأمانها من غضب أمها المحتدم لكونها طفلة خرقاء تريد أن تجرب كل شئ. ثم مارينا الصبية المؤمنة المحبة للمسيح التي تتلو صلواتها أينما ذهبت وتحب تفاصيل منزلها الصيفي وبحر قزوين وشتاء طهران الثلجي، يقودها اختلافها لتقع في حب عذري لمسلم هادئ الطباع فقد حياته من أجل ما يؤمن به وهي الثورة الإسلامية رغم أنها لم تفهم في السياسة أبدًا ولم يشغل الشاه أو معارضوه سوى جزءًا يسيرًا من فكرها. ليحدث تحول كبير عندما تطلب الطالبة المجتهدة من معلمة التفاضل أن توقف الحديث عن الثورة الإسلامية وعظمة إمامها وتبدأ في شرح الدروس قبل أن ينتهي العام الدراسي فينقلب كل شيء ويأتي الحرس الثوري لمنزل الفتاة الصغيرة لتعتقل بتهم معاداة الثورة مساء يوم 15 يناير عام 1982، وهي في السادسة عشرة من عمرها، لتقضي أيامًا تغير مجرى حياتها.