د.ك2.5
طرائف الخلفاء والملوك عبد على مهنا
وقد ألف المقريزي رسالته «الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك» في ذي القعدة سنة 841هـ، قبل وفاته بأربع سنوات، وبدأها بفصل في حجة رسول الله – – التي تسمى حجة الوداع، وحجة البلاغ، وحجة الإسلام، فقد كانت حجة الوداع لأنها آخر مرة رأى فيها النبي – – مكة والبيت الحرام، وكانت حجة البلاغ ؛لأن الرسول – – أتم فيها بلاغ رسالته للناس، وكانت حجة الإسلام؛ لأن الله أكمل فيها الدين، وأتم النعمة على المسلمين.
وبعد حجة الوداع يؤرخ المقريزي لمن حج من الخلفاء والملوك، حيث تضم رسالته ثلاثة عشر خليفة أولهم أبو بكر الصديق – – وآخرهم الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد ثاني خلفاء بني العباس بمصر، ومن الملوك ثلاثة عشر، أولهم الصليحي علي بن محمد بن علي ملك اليمن، الذي حج سنة 455هـ، وملك مكة، ونشر بها العدل، وأكثر فيها من الإحسان، ومنع المفسدين، وأمن الناس أمناً لم يعهدوه قبله، ورخصت بها الأسعار لكثرة ما جلب إليها بأمره، فأحبه الناس حبا زائدا، وكسا الكعبة الديباج الأبيض، وكان آخر الملوك الثلاثة عشر الذين وصف المقريزي رحلتهم للحج، الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون، الذي تولى الملك في شعبان سنة 764هـ.
أما حج الخلفاء – كما يقول المقريزي – فأولهم أبو بكر الصديق الذي حج بالناس في خلافته سنة 12هـ، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، أما عمر بن الخطاب فكانت خلافته عشر سنين ونصف، حج في جميعها إلا السنة الأولى فقط، فإنه حج بالناس فيها عتاب بن أسيد. وكانت خلافة عثمان اثني عشر سنة، وقد حج جميع سنين خلافته إلا السنة الأولى والأخيرة، وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فلم يحج في خلافته لاشتغاله ب حرب الجمل وصفين.
وتحدث المقريزي في رسالته عن عدد من الخلفاء والأمراء والملوك الذين رحلوا إلى مكة لفريضة الحج، فقد حج معاوية بن أبي سفيان بالناس عدة سنين، وحج عبد الله بن الزبير بالناس ثماني حجج. وحج الوليد بن عبد الملك سنة إحدى وتسعين، فلما قدم المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه وأخرج الناس منه ولم يبق غير سعيد بن المسيب فلم يجسر أحد من الحرس على أن يخرجه، فأتاه الوليد ومعه عمر بن عبد العزيز والي المدينة، فسلم عليه وسأله عن حاله، ثم انصرف وهو يقول لعمر: هذا بقية الناس. وحج هشام بن عبد الملك سنة 106هـ.