د.ك10.0
فرويد وأتباعه بول روزن
كو
على مرّ العصور تعرّضت نرجسية البشر إلى صفعتين رئيسيتين عن طريق العلم . الأولى، عندما تبينوا أن أرضنا ليست مركز الكون، وإنما مجرد جزء صغير من النظام الكوني بالكاد نتخيل اتساعه.
وأما الثانية، عندما دمرت البحوث البيولوجية مكانة الإنسان المتميزة والمفترضة بين المخلوقات وأثبتت أنه منحدر من مملكة الحيوانات وطبيعته الحيوانية لا يمكن استئصالها.
وتعزى هذه “الثورة” إلى داروين ووالاس و “أسلافهما” .
لكن هوس البشرية بالعظمة سيشهد صفعة ثالثة وهي الأكثر خدشاً للكبرياء تلك التي أقدمت عليها البحوث النفسية في الزمن الحاضر حيث تسعى لإثبات أن الأنا ليس سيداً حتى في بيته، وأنه يجهل الكثير عما يجري في ذهنه بصفة لا واعية. —فرويد -ص616/617
..………………
فرويد مازحاً:”ابتكرت التحليل النفسي لأنه لم تكن له أدبيّات.” ص253
كثيرة هي الكتب التي تحدثت عن سيرة فرويد أو “المتن الفرويدي” بين أنصاره ومجايليه ونقاده، بالنظر إلى :الخلفية والشخصية، ونشأة التحليل النفسي ونظرياته، فرويد ومؤيدوه والخلافات العلنية مع بعض من تلاميذه؛ أدلر، ستيكل، يونغ،…. ،
الا أن ما يميز هذا الكتاب هو تحري الدقة في رصد واستقصاء المعلومة. حيث أجرى روزن 110 مقابلات شفهية ومسجلة وموثقة، شملت أسرة فرويد وتلاميذه والعاملين معه بالإضافة إلى عدد من مرضاه الذين ظلوا على قيد الحياة، وآخرون. عدا الموارد الأرشيفية الأخرى التي اعتمد عليها في بحثه.
أشعر بالفخر بما اكتشفته وليس بنفسي، فالمكتشفون العظام ليسوا بالضرورة رجالاً عظاماً. فمن الذي غير العالم أكثر من كولومبوس؟ من هو؟ إنه مغامر. كان له مايميزه بالطبع، لكن لم يكن رجلاً عظيماً، إذن، قد يكتشف المرء أشياء عظيمة وليس معنى ذلك أنه رجلٌ عظيم حقاً.” —فرويد
……………
” لا يخلو التحليل النفسي من سمات عديدة تحول بينه وبين أن يكون مثلاً أعلى للعلاج يكون فيه المريض صدوقاً بشكل مثالي – آية في التضحية بأتم معنى الكلمة… أعتبره مبرراً للجوء إلى طرق أكثر ملاءمة للعلاج طالما أن هناك احتمالاً لتحقيق أي شيء من خلالها. وفوق ذلك كله، إنه الوحيد الذي يثير جدلاً. ” —فرويد -ص 215
سعى روزن في هذا البحث وبمنهجية أكاديمية إلى الاقتراب من حياة فرويد العلمية بعيدا عن مزالق الاستقطاب والسجالات التي ظلت تصدر عن فرويد منذ وفاته، وذلك عبر السياق التاريخي-الإنساني الذي ظهرت فيه أفكار فرويد ونشرت لأول مرة.
“لقد باعدت أفكاري الجديدة في علم النفس بيني وبين المعاصرين، وبشكل خاص الأكبر سناً منهم، حيث لم أتقرب من شخص أحترمه إلا ورفضني بسبب عدم فهمه لأفكاري حول ما تكون حياتي في تمامها بالنسبة لي.” —فرويد -ص 118