لمس الحرائر ‎ ‎كاردينيا الغوازي‎

جر
ورحلة جديدة في عالم كاردينيا المميز بما يقدمه من محتوى واع وهادف ولما يتطرق له من موضوعات وقضايا حياتية واقعية مغلفة بجو من الرومانسية .. قضايا ناقشتها الكاتبة بصبر وحكمة لهدف سامي تسعي له وهو تغيير وتصحيح بعض عاداتنا ومعتقداتنا الخاطئة التي تخضعنا احيانا لاعراف بالية قد يتخذها البعض كموروثات ثابتة لحياته دون النظر لصحتها. لمس الحرائر…وبراعة الوصف الذي يجبرك على اغماض عينيك لتجد نفسك تسير علي هدى الكلمات بين لفائف الاقمشة المختلفة الأنواع والألوان والملمس…مختلفة كاختلاف العوائل التي ناقشتها الرواية …تنصت للحركة داخل محلات الاقمشة وتستمتع بحوار الزبائن ومناغشات اولاد القماش. الرواية ليست مجرد ثنائيات عشق ترضى جانبنا العاطفي فقط ولكنها رواية اجتماعية تربوية هدفها الأول توجيه عدة رسائل للآباء ودورهم في تربية ونشأة الأبناء وبيان مدي تأثير شخصياتهم وافكارهم ومعتقداتهم في تكوين شخصية أبنائهم. ناقشت الرواية المفهوم الحقيقي للتوافق بين الزوجين وكانت “عائلة القماش “نموج مثالي لتوافق الزوجين رغم اختلاف طباعهما حيث لم يكن الحب وحده ما ربط بينهما وأنجح حياتهما بل التفاهم والمشاركة والاحترام المتبادل بين الزوجين.. وانعكس ذلك بحرصهما علي نشأة أبنائهما في جو من الحب والترابط والصداقة فعمت الصداقة بين الأخوة والآباء…..كان هناك جو من الرقابة والتوجيه الخفي مع ترك المساحة الكافية لهم من الحرية الموزونة والاختيار والتجربة والتعلم من اخطائهم فخلقوا منهم رجال بشخصيات متزنة أصحاب قرار وثقة بالنفس وقدرة على مواجهة تقلبات حياتهم. أعجبني تنوع شخصيات الأبناء فكان منهم العاطفي المندفع العواطف ومنهم العملي المشاغب ومنهم الشاب الصغير الذي لم يكتمل نضوجه الفكري… كل ابن خاض تجربته وتعلم درسه وبإرادته واختياره وحسن تربيته استطاع تقويم نفسه ومعالجة أخطائه حتى وصل إلى مبتغاه وحقق سعادته. كما تناولت الرواية مناقشة قضية هامة تتمثل في تسلط بعض الآباء وتحكمهم في حياة أبنائهم متمسكين بمعتقداتهم حتى وان كانت خاطئة..فما معنى أنا أمرر تجربتي وافكاري واتخذها مبدأ لتربية ابنائي متغافلاً عن اختلاف الشخصيات والفكر والجيل نفسه؟ وكيف يكون التسلط والعناد وسيلة للتربية وأسلوب حياة؟ ثم وجهت الكاتبة رسالة هامة للوالدين بضرورة التربية المتوازنة …كلنا نحب أبنائنا وندللهم ونسعى بكل جهدنا لتوفير سبل الحياة الكريمة لهم…ولكن بحساب..لأن الدلال الزائد وتلبية جميع متطلباتهم دون جهد منهم بالإضافة للتغاضي الدائم عن عيوبهم واخطائهم يخلق منهم شخصيات متطلبة أقرب للانانية .. شخصيات غير مسئولة فاقدة للثقة وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار يخص حياتها لذلك تكون دائماً بحاجة للتوجيه والنصيحة التي قد تكون أحيانا من مصادر ضارة مؤذية. لمس الحرائر….. وكم من حريرة تناولتها الرواية وكانت شخصيتها رسالة لعالم النساء .. حرير…ناقشت شخصيتها أهمية ان يكون لك كيانك وحريتك ورأيك بما لايتعارض مع طاعة وبر الوالدين فكانت ابنة بارة للنهاية وزوجة اصيلة ..كما كانت رسالة لكل امرأة مطلقة بألا توقف حياتها على طلاقها.. كونك مطلقة لا يقلل من شأنك فأنت لست سلعة يتم تقييمها حسب وضعها الاجتماعي وبيدك وحدك تحددين قيمتك وتعلين بها حتى تجدين من يستحقك حقا. سجى.. كفى انت ومن مثلك ظلما لنفسك ومراعاة غيرك على حساب سعادتك فأنت من حقك الحب والحياة لأن من الظلم ان تعيشي دائماً كظل تابع لرغباتهم حتى بعد موتها…من الظلم التقيد بعادات خاطئة نظلم بها أنفسنا تحت مسمى العيب والعرف. روناهي.. كوني دائماً كما انت بعفويتك ونقاءك وبراءتك لانهم سر جمالك وشخصيتك فلكل امرأة جمال خاص بها يميزها عن غيرها. ثم عرضت الرواية حياة الشباب وتقلباتهم الفكرية والعاطفية ما بين الاندفاع والتهور والنضوج والاستقرار فكانت رسائلها للشباب ومن مثلهم : *على..الذنب لم يكن ذنبك بل ذنب والديها عندما افرطا في دلالها وتلبية متطلباتها وعدم الاهتمام بمعالجتها خوفاً من نظرة المجتمع لوضعها حتى تفاقمت حالتها فظلمتك معها وكان موتها أكبر درس وتوجيها لوالديها. *عامر.. كما للفتاة سمعة للرجل أيضا سمعة يجب الحفاظ عليها.. أنت أخطأت واعترفت وتحملت وتعلمت درسك حقاً فاستحقيتها. *عمر…يعيش الإنسان كل مرحلة من حياته مواجها تجاربه بفكر وعقلية ونضوج مختلف.. فمع كل مرحلة يكتسب خبرات جديدة وتختلف نظرته وتقييمه للأشخاص والأمور من حوله. الرواية مميزة بما قدمته من مناقشات شملت الجانب العقلي والعاطفي والنفسي لمراحل حياة الإنسان المختلفة عبر الشخصيات المتعددة وبما قدمته من نصائح ومعلومات شملت مرض الوسواس والزهايمر ومخاطر الانترنت…