د.ك6.0
ملة أبيكم إبراهيم عبدالستار المرسومي
كو
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا وحبيبنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
فإن خليل الله إبراهيم عليه السلام رجلٌ من طرازٍ فريد، كان عليه السلام قامةً سامقة، ورمزًا من رموز البشرية، وفلتة من فلتات الزمان، وعلامةً فارقة من عجائب الدنيا، وسفرًا خالدًا من أسفار التاريخ، وصفحة مشرقة في تاريخ الإنسانية. ونحن المسلمين – ومعنا البشـر جميعًا – مأمورين بالتأسي واتِّباع ملة هذا الرسول العظيم، وذلك في قوله تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة: 4]، ونبأنا القرآن العظيم بأنه لا يبتعدُ أو ينحرف عن منهج إبراهيم عليه السلام وتفاصيل ملَّته إلا السَّفيه الضَّال من الناس، ففي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130].
ثم أمر سبحانه وتعالى أتباع النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم وهم المسلمين باتِّباع تلك الملة، بقوله تعالى: ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [آل عمران: 95].
فمن أجل كلِّ ذلك ولتبيان تفاصيله وشرحه أُلّف هذا الكتاب، فلقد بحث المؤلف وتحرى وتتبع فيه خليل الله إبراهيم عليه السلام خطوة على إثر خطوة، في كل مكان وزمان تواجد فيه عليه السلام، وحاول المؤلف أن لا تفوته شاردة ولا واردة من ملته الحنيفية، وقد مَنَّ الله بفضله وأذن أن يطبع الكتاب، وجاء في 496 صفحة، وبغلاف كارتوني وقياس 17 x 24، والرقم الدولي لهذه الطبعة: ISBN 13: 9789933586560 وقد قامت بطباعته دارُ المعراج الدمشقية في بيروت هذا العام 2021م.
لقد بيَّن الكتاب الأحداث التي مرت بخليل الله إبراهيم عليه السلام في كلِّ من العراق والشام ومصر ومكة، ومع مختلف الأنواع من البشر؛ الزوجة والولد والحاكم الظالم وعموم الناس، وشرح الكتاب الابتلاءات التي مرَّ بها، وفصَّل خصائصه عليه السلام التي اختصه الله سبحانه وتعالى بها، وذكرَ أدعيته عليه السلام ومناسباتها ومواضعها، وعرَّج الكتاب على موقف ملة إبراهيم عليه السلام من اليهودية والنصرانية وغير ذلك من العناوين، واستنبط من كل ذلك العبر
أما منهجية كتابة هذا الكتاب فقد كانت على طريقة الأصوليين بعناوينَ رئيسة تمثلُ فصولًا تشرح كلَّ حقبة زمنية أو حادثة أو عبرة بعنوان منفصل تسهيلًا للفهم وتيسيرًا للاستيعاب وتخفيفًا على القارئ، والكتاب يختلف في منهجه عما كُتب قبل ذلك عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم بأن تُسرد سيرته سردًا قصصيًا أو تاريخيًا، بأنه يتناول حياة خليل الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم كمنهج حياة للناس، ثم هو يستنبط ويستكشف العبر والدروس منها ثم يدخل في تفاصيل ذلك كله.