من وثائق تاريخ شبه الجزيرة العربية سبع مجلدات

كو تلعب الوثيقة الدور الأول، والأساسي، في دراسة الحدث التاريخي، فهي تُكَيِّفُ الحدث، وترسم دقائق كل جزئية من جزئياته، وتزيد أهمية الوثيقة في دراسة الحدث التاريخي، إذا جاءت على شكل رسائل متبادلة بين الأشخاص أو الجهات التي شاركت في صنع هذا الحدث، وإتخاذ القرار الذي أدى إلى صنعه، حيث أنَّ هذه الرسائل، تعبر عن رأى هؤلاء الأشخاص، أو تلك الجهات، في تَكْييفِ صنع الحدث التاريخي، والوثائق التي نحن بصدد نشرها اليوم هي من هذا النوع، فهي تعبر عن رأي صانعي أحداث الفترة.

والحقيقة أنها من هذا المنطلق تعتبر مِنْ أصدق المصادر لدراسة تاريخنَا العربي بعامة، وتاريخ شبه الجزيرة العربية بخاصة، فهي تعبر عن موقف الدولة العثمانية مِنْ الدولة السعودية الأولى (1158- 1233هـ / 1745- 1818م)، تلك الحركة العربية القومية، ومن الدعوة السلفية السنية التي رأت الدولة العثمانية فيها خطراً قضى على سيادتها وأخرج الحرمين الشريفين مِنْ حوزتها وَهَزَّ مكانتها الدينية في نظر العالم الإسلامي.

كذلك نجد في هذه الوثائق الرسائل العديدة المتبادلة بين محمد علي ورجال الدولة العثمانية، وبينه وبين الأشراف، وشيوخ القبائل العربية، وبينه وبين قواد حملته، ورجال إدارته في شبه الجزيرة العربية، يرسم لهؤلاء جميعاً الخطط المختلفة التي يطلب منهم العمل على تنفيذها، كما يرسم لهم الأسلوب الذي يراه الأسلوب الأصلح والأمثل للتعامل مع العربان، والذي سوف يؤدي إلى نجاح الحملة، كما أنَّ هذه الوثائق تحوى تقارير عديدة كان يرسلها قادة محمد علي إليه بها تفاصيل دقيقة عن أحوال مناطق شبه الجزيرة العربية، الجغرافية، والإقتصادية، والإجتماعية، وموقف القبائل العربية مِنْ قوات الحملة.