الفلسفة السياسية عند لينين

كو
مثَّلت الماركسيَّة اتجاهًا فلسفيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا مهمًّا، فمنذ تأسيساتها الأولى مع ماركس وإنجلز لم تكف عن إثارة الجدل والنقاش بالأخذ والردِّ لما جاءت به من مقولات سياسيَّة في الصِّراع الطَّبقيِّ، ومراحل التَّاريخ واضطهاده، ومفاهيم الثَّورة والتَّحرُّر والشِّيوعيَّة، فكانت محلًّا للقبول والانتماء من جهة، وللنَّقد والرَّفض من جهة أُخرى.

ارتكزت الماركسيَّة على أساسين مركزيَّين هما: الماديَّة الجدليَّة، والماديَّة التَّاريخيَّة، ومنهما انطلقت لتثري المباحث الفرعيَّة الأخرى معتمدة على الديالكتيك (الجدل) بِوَصْفِهِ محرِّكًا أساسيًّا للنَّظريَّة والتَّطبيق.

وقد جاء لينين متمِّمًا ومعدِّلًا للنَّظريَّة الماركسيَّة، حتَّى وصِفَ إنجازُهُ ب ((الماركسيَّة اللينينيَّة))، وكانت العلامات الفارقة في ذلك الإنجاز متعلقة بإضافة الانتقال الاضطراريِّ بتحوُّل مسار التَّاريخ نحو الاشتراكيَّة والشّيوعيَّة من دون المرور بأعلى مراحل الرأسماليَّة أو البرجوازيَّة في البلدان التي يمكن تحقُّق الاشتراكيَّة فيها.

كما كان للحزب الثَّوريِّ دورٌ بالغُ الأهميَّة في فكر لينين، لما أتاحه له من مهامّ في قيادة الثَّورة وتثقيف البروليتاريا وقادتها وتأسيس الدولة وديمومة الحركة الشّيوعيَّة.

وكان لإضافة لينين في مكونات البروليتاريا عبر إلحاق الفلاحين بالعمال خطوة عمليَّة لإمكان قيام الثورة بواقع يشابه واقع روسيا آنذاك؛ لأنها كانت دولة زراعيَّة يصعب تحقيق الانتقال نحو الاشتراكيَّة فيها، وهذه تعديلٌ آخرُ له أثرٌ في تأسيس الدَّولة الاشتراكيَّة السُّوفيتيَّة الرُّوسيَّة حينها.

مثَّلت الأمميَّة هدفًا منشودًا للحركة الاشتراكيَّة، وكانت سمة بارزة في المسار الماركسيِّ، ولم تختلف عند لينين إلا في إمكان قيام الثَّورة الاشتراكيَّة في بلد واحد أو أكثر، وكانت للينين أيضًا مواقفُ مهمَّةٌ متعددة في الحرب، ودوره الثوري من جهة، ونقده للحرب العالميَّة من جهة أُخرى، ولم يكتفِ بدور التَّأسيس فقط وإنَّما كانت له مواقفُ نقديَّةٌ من الحركات المقاربة للتوجه الماركسيِّ مثل الانتهازيَّة والتَّحريفيَّة ومجمل الحركات الماركسيَّة التي لم تتفق معه، فكان صريحًا في رفضه لهذهِ التَّوجهات.