الأمريكيون الجوامح وأصول الدستور الأمريكي

كو
الدستور الأمريكى . أفضل دساتير العالم لأكثر من قرنين من الزمان . لم يدخل عليه الكثير من التعديلات طوال هذه المدة . لكن ترى ما هى العوامل التى أدت لإنتاج مثل هذا الدستور عام 1787؟
عقد الثمانينات من القرن الثامن عشر هو المرحلة الحاسمة فى مستقبل الدولة الوليدة التى خاضت الحرب الثورية ضد أقوى إمبراطوريات العالم حوالى منصف العقد السابق لهذا العقد وقد نالوا إستقلالهم بموجب إتفاقية السلام فى باريس من بريطانيا الأم عام 1783.
من الطبيعى ان كانت نتائج الثورة كما هى نتائجها فى أى مكان فى العالم لكن هناك من يتحمل هذه النتائج وهناك من يندم على القيام بثورته فى الواقع إننى ذهلت لما قرأت فى سطور هذا الكتاب عن التوابع الثورية فى هذا البلد الناشىء الذى يخوض تجربة الإتحاد والحكم الذاتى والديموقراطية لأول مرة وما كان هناك من فقر وتخبط ومحاولات للإستبداد والعنصرية وما إل ذلك .
لكن يبدو ان العنصر الأهم الذى أدى لإنشاء هذا الدستور هو العامل الإقتصادى الذى كان شديد الصعوبة فى فترة ما بعد الإستقلال فكان الصراع بين مالكى سندات الحرب عن طريق الإستثمار وأصحاب الشهادات الأصليين والدائنين والمدينين من جهة وحكومات الولايات ومجالسها التشريعية الضعيفة والخانعة للدهماء من الشعب من جهة ونقص العملة الصعبة من الذهب والفضة من جهة أخرى وبالتالى نقص الثقة فى مجالات الإستثمار أو الإقراض كان النتيجة المؤسفة الكبرى لهذه الظروف .
كان على واضعى الدستور إرضاء أطراف عدة لا تقل قوة كل منها عن الأخرى وأن يكون ذلك فى إطار رؤية مستقبلية لإقتصاد الولايات المتحدة وكان نتيجة مرور الولايات الناشئة بعدد كبيرة من التجارب المريرة والصعوبات كتمردات العبيد والفلاحين فى عقد الثمانينات ومع وجود رجال فكر من أمثال جيمس ماديسون أبو الدستور الأمريكى كانت النتيجة هى هذا الدستور الأقوى بين دساتير العالم
التفاصيل كثيرة والصعوبات التى مرت بها كلا من الولايات ولجنة وضع الدستور كثيرة ايضا والكتاب لا يترك اى من هذه التفاصيل ويقوم على أساس تحليلى دقيق لهذه العناصر فى صورة دفاع ونقض لهذه العوامل التى ادت لإنتاج هذا الدستور وأيضا لعناصر الستور نفسه . منها ما كان على لسان المعاصرين فى تلك الفترة الحاسمة ومنها ما هو رأى خاص للكاتب.
أعتقد أنى مهما حاولت التعليق على الكتاب فمن المستحيل أن يكون التعليق وافيا أو منظما . ومن سيقوم بقراءة الكتاب سيتفهم ذلك جيدا .
لكن الدرس الأهم الذى يجب أن نخلص به من هذا الكتاب هو أن من يثور على ظلم ويتحمل تبعات ثورته فبالتأكيد سيحصد ثماراً جيدة فى نهاية المطاف .